بعد فترة من الانقطاع، استأنفت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” تصدير النفط الخام إلى الحكومة السورية، وذلك عقب توصل الطرفين إلى اتفاق مبدئي يهدف لإعادة تدفق النفط من حقول الحسكة ودير الزور إلى مصافي التكرير في حمص وبانياس.
وبالتوازي مع استئناف التصدير، قررت “قسد” تخفيض كمية النفط الخام المكرر محلياً في مناطق تواجدها بنسبة 30%، بسبب الحاجة لتوجيه جزء من الإنتاج لتلبية احتياجات الحكومة السورية.
ويأتي هذا الاتفاق في وقت تعاني فيه سوريا من تحديات اقتصادية كبيرة، حيث أثرت العقوبات الدولية والحرب بشكل كبير على قطاع النفط، مما جعل استئناف التصدير خطوة مهمة نحو تحقيق استقرار نسبي في هذا القطاع الحيوي.
ويعود الانقطاع في تصدير النفط إلى كانون الأول/ديسمبر الماضي، وذلك في أعقاب سقوط نظام الأسد وما تبعه من تغيرات سياسية عميقة في البلاد، وأدى هذا الانقطاع إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، خاصة في ظل النقص الحاد في الموارد الطاقية.
اقرأ أيضاً: مظلوم عبدي يهنئ الرئيس الشرع.. واتفاق على دمج قسد بالجيش السوري
كما يشمل الاتفاق استجرار الغاز الطبيعي من مناطق شرقي سوريا، حيث تبلغ الكميات التي يتم استجرارها حالياً حوالي 500 ألف متر مكعب يومياً، والذي من شأنه المساهمة في توليد الطاقة الكهربائية في محطات التوليد الحرارية، وتخفيف أزمة الكهرباء التي تعاني منها البلاد.
ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن معدل التصدير اليومي يتجاوز خمسة آلاف برميل من النفط الخام، وهو رقم يعكس أهمية هذه الخطوة في دعم الاقتصاد السوري المنهك. ويتم توزيع النفط المستخرج من حقول دير الزور والحسكة على ثلاثة مسارات رئيسية: تصدير جزء منه إلى إقليم كردستان العراق، وإرسال جزء آخر إلى الحكومة السورية، وتكرير ما تبقى محلياً لتلبية الاحتياجات في مناطق شمال شرقي سوريا.
اقرأ أيضاً: تطوّر جديد.. سوريا وقطر توقعان مذكرة تفاهم مهمة
وعلى الرغم من هذه التطورات الإيجابية، لا يزال قطاع النفط في سوريا يواجه تحديات كبيرة، إذ شهد الإنتاج النفطي تراجعاً حاداً خلال سنوات الحرب، حيث انخفض من نحو 400 ألف برميل يومياً بين عامي 2008 و2010 إلى حوالي 15 ألف برميل يومياً عام 2015، وأقل من 30 ألف برميل عام 2023.
كما أدت العقوبات الدولية إلى شلل شامل في القطاع، مما أثر على عمليات الاستكشاف والإنتاج والتكرير، ونتيجة لذلك، أصبحت سوريا تعتمد بشكل كبير على استيراد النفط، حيث تقدر احتياجاتها الشهرية بنحو 5 ملايين برميل، أو أكثر من 160 ألف برميل يومياً، إذ تجبرها العقوبات على اللجوء إلى وسطاء محليين في ظل غياب موردين كبار بسبب المخاطر المالية والقانونية.
ومع استمرار العقوبات وتراجع الإنتاج المحلي، يبقى النفط في سوريا محوراً أساسياً لتحديد مسار الاقتصاد في المرحلة القادمة، مما يستدعي تعاوناً أكبر بين الأطراف المحلية لتجاوز هذه العقبات.
اقرأ أيضاً: هاكاثون سوريا ينطلق بمشاركة 5000 شاب لابتكار الحلول التقنية