الخميس 2 أيلول/سبتمبر 2021
سوريا اليوم – دمشق
شن السفير الصيني في دمشق “فنغ بياو” اليوم الخميس وعبر صفحات جريدة سورية هجوماً شديد اللهجة على سياسة الولايات المتحدة في التعامل مع بلاده بخصوص أزمة فيروس الكورونا.
وقال السفير الصيني في مقال نشرته صحيفة “الوطن” السورية شبه الرسمية اليوم إن الولايات المتحدة “افترت” على بلاده، وذلك تحت عنوان “كفى مهزلةً سياسية أميركية في تتبع مصادر الفيروس”.
وجاء في مقال “بياو”: “أعدّت وأصدرت أجهزة المخابرات الأميركية قبل أيام ما يسمى بـ”التقرير النهائي” حول تتبع مصادر فيروس كورونا المستجد، وترى فيه أن المعلومات المتوافرة تشير إلى عدم استبعاد احتمالين، أي ظهور الفيروس من الطبيعة أو تسلّله من المختبر، كما وجّهت افتراء على الصين متهمة إياها بأنها عرقلت التحقيق الدولي ورفضت المشاركة بالمعلومات وانتقدت الدول الأخرى. إن التقرير المذكور تقرير سياسي وكاذب من بدايته إلى نهايته، ولم يقدم أي دليل موثوق به، وهو لا يتمتع بأي طابع مصداقي وعلمي”.
وتابع السفير يقول: يعد تتبع مصادر فيروس كورونا المستجد مسألة علمية، يجب البحث فيها من قبل العلماء وحدهم دون غيرهم بدلاً من خبراء المخابرات، في الوقت الراهن، تقف الولايات المتحدة في مقدمة الدول القوية في العالم، غير أن أداء جهازها الاستخباري في الصف الثالث، لم يظهر أي مهنية كما أنه لا يهتم بمهنته الأساسية.
وعرّض السفير الصيني بأجهزة المخابرات الأميركية نفسها مذكراً إياها بمهامها في مجال الأمن الاستراتيجي، وأشار إلى الكيفية التي انسحبت بها القوات الأميركية “بسرعة وذعر من أفغانستان، مما أدى إلى انقلاب الوضع فيها”، في الوقت الذي “حلّت أجهزة المخابرات الأميركية محل صاحب الشأن لتتبع مصادر الفيروس الذي يقدر عليه العلماء من دون غيرهم”، بحسب تعبيره.
ووجه السفير اتهاماً مباشراً لواشنطن بقوله “الجهاز الاستخباري الأميركي هو الذي لفق ونشر الأكاذيب والمعلومات المزيفة، ويبدو أن هذه اللعبة الأميركية ليست جديدة بالنسبة لدول الشرق الأوسط، على سبيل المثال، اتخذت علبة صغيرة من مسحوق الغسيل كدليل على حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل، وأخرجت ومثلت وصوّرت مع “الخوذ البيضاء” ما يسمى بـ”الهجوم الكيميائي” في سورية”، في إشارة إلى الهجوم بالأسلحة الكيماوية على مناطق سيطرة المعارضة السورية في الغوطة الشرقية عام 2013.
وبذا يكون السفير الصيني يشير إلى إصرار كل من روسيا والصين، إضافة إلى الحكومة السورية، على اتهام المعارضة السورية بأنها المسؤولة عن شن الهجمات بالأسلحة الكيماوية على مناطق سيطرتها، وتتهم بشكل مباشر “الدفاع الوطني” التابع للمعارضة والمعروف باسم “الخوذ البيضاء”، علماً أن الهجوم ذاك كان يتسبب بضربة عسكرية أمريكية للنظام السوري لولا التدخل الروسي لعقد صفقة لتسليم سوريا سلاحها الكيماوي.
ومضى السفير “فنغ بياو” إلى القول: “الحقيقة أن ما فعلته الولايات المتحدة من تسييس تتبع مصادر الفيروس وتوجيه الاتهام إلى الصين، يقف وراءه أهداف واضحة، وهي تشويه صورة الصين واحتوائها وعرقلة عملية التحديث فيها باستغلال مسألة تتبع مصادر الفيروس، لكن اللعبة الأميركية ستبوء حتماً بالفشل أمام الحقائق الثابتة والعزيمة الصلبة للشعب الصيني”.
وأضاف “في الحقيقة، الولايات المتحدة هي بالضبط من لا تلتزم بالشفافية والمسؤولية والتعاون في مسألة تتبع مصادر الفيروس، إذ إنها لا تزال ترفض الرد على الشكوك المعقولة للمجتمع الدولي حول مختبر فورت ديتريك، وأكثر من 200 قاعدة بيولوجية في خارج البلاد محاولة التستر على الحقائق والتنصل من المسؤولية، كما حدث الالتهاب الرئوي المرتبط بالسجائر الإلكترونية على نطاق واسع في ولاية ويسكونسن تموز عام 2019، وكانت أعراضه متشابهة للغاية مع أعراض الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا المستجد”.
وقال السفير إن تقريراً في موقع معهد البحث الصحي الوطني الأميركي أشار إلى أن “الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا المستجدة في 5 ولايات أميركية ظهرت قبل كانون الأول/ديسمبر عام 2019، وقد أصبحت الولايات المتحدة من أكثر المناطق تعرضاً للجائحة في العالم، حيث تحاط بها العديد من الشبهات، وينبغي على الولايات المتحدة تقديم جواب للعالم كله، في ظل إجماع المجتمع الدولي على مكافحة الجائحة بالتضامن والتعاون، ولم تحظ ممارسة الولايات المتحدة بتسييس تتبع مصادر الفيروس بالتأييد، بل قوبلت بالرفض الدولي الواسع”.
وأشار إلى أن سوريا و80 دولة أعربت منذ فترة عن رفضها لتسييس مسألة تتبع مصادر الفيروس، عبر بعث الرسائل إلى المدير العام لمنظمة الصحة العالمية وإصدار البيانات والمذكرات، كما طالبت بالحفاظ على تقرير البحث المشترك بين الصين ومنظمة الصحة العالمية، بينما قدم أكثر من 300 حزب ومنظمة اجتماعية ومؤسسة فكرية من 100 دولة ومنطقة بياناً مشتركاً تحت عنوان “رفض تسييس تتبع مصادر الفيروس”، إلى أمانة منظمة الصحة العالمية، إضافة إلى ذلك، وقّع أكثر من 25 مليون مستخدم للإنترنت في الصين على رسالة علنية طالبوا فيها بفتح تحقيق لمختبر فورت ديتريك الأميركي، وهذا من المطالب العادلة لشعوب العالم، بحسب السفير.
وقال “بياو”: “تشاطر الصين رغبة دول العالم في كشف مصادر الفيروس في أسرع وقت ممكن باعتبار كلاهما ضحية للجائحة، كما تهتم وتشارك الصين بنشاط في التعاون العلمي لتتبع مصادر الفيروس، وتلتزم بمبادئ العلم والانفتاح والشفافية، ودعت خبراء منظمة الصحة العالمية مرتين لإجراء البحث حول مصادر الفيروس”، مشيراً إلى أنه في بداية هذا العام (2021)، تشكّلت فرقة الخبراء المشتركة من الخبراء الصينيين والدوليين، وأجرت البحث، واستمرت زيارتها للصين 28 يوماً، كما تم إصدار تقرير البحث المشترك بين الصين ومنظمة الصحة العالمية، وتوصّلت إلى استنتاج مصداقي ومهني وعلمي، بما أرسى أساساً جيداً للتعاون الدولي في تتبع مصادر الفيروس.
وأكد السفير أن “الفيروس السياسي (يعد) عدواً مشتركاً للبشرية مثل فيروس كورونا المستجد، ويجب على الجانب الأميركي إدراك أن تسييس تتبع مصادر الفيروس لا مخرج أمامه، ومن اللازم الوقف الفوري للتصرفات التي من شأنها إفساد جو التعاون الدولي لتتبع مصادر الفيروس والوحدة العالمية لمكافحة الجائحة، ويجب تتبع مصادر الفيروس بالاعتماد على العلم، والعودة إلى الطريق الصائب المتمثل في تتبع مصادر الفيروس علمياً، ومكافحة الجائحة عبر التعاون”.
وختم السفير الصيني في دمشق مقاله بالقول: “يحرص الجانب الصيني على بذل جهود مشتركة مع المجتمع الدولي بما فيها سوريا، للحفاظ على الأجواء الجيدة للتعاون الدولي لمكافحة الجائحة، ورفض تسييس مسألة تتبع مصادر الفيروس بشكل قاطع، بما يحمي سلامة وصحة شعبي البلدين وشعوب العالم”، بحسب ما جاء في الصحيفة.