الاثنين 11 تشرين الأول/أكتوبر 2021
سوريا اليوم – دمشق
قالت مستشارة للرئيس السوري بشار الأسد إن الخطر العثماني والخطر الإسرائيلي على الأمة العربية “صنوان”، محذرة العرب من مخاطر المشروع التركي – الإخواني المدعوم أمريكياً.
وفي افتتاحية نشرتها صحيفة “الوطن” السورية شبه الحكومية اليوم الاثنين، قالت د. بثينة شعبان، المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس السوري والوزيرة السابقة، إن ما سمّته “الغمغمة السياسية” هي “الحاجز الأخطر بين الحق وأصحابه وبين التاريخ الحقيقي الذي يجب أن يُدرّس للأجيال”، موضحة “أن يلبس الحق بالباطل؛ أي أن يغمغم الحق أو أن يكتمه وكلاهما خطران على الحقيقة وقول الصدق، لأن الحقيقة هي التي تهدي إلى القرار السليم وهي التي تختصر الطرق وتستثمر الوقت بدلاً من هدره وإضاعته”.
وأشارت إلى أن “هناك من يستعرض بعض أحداث تاريخنا بصدق شفوياً، وحين نطلب منهم أن يسجّلوا ما قالوه يقول البعض منهم: لن يصدقنا أحد لأن كل ما نقرأه مخالف للحقائق التي نعرفها بعمق ونتحدث بها”.
وتساءلت “إلى متى نستمر في بيع الأوهام ونحن نشهد واقع هذه الأمة يتراجع سواء محلياً أو إقليمياً أو دولياً؟”، قبل أن تقول “في الوقت الذي تنشغل به معظم دول العالم بإعادة حساباتها حول موقعها الإقليمي والدولي والدور الذي يمكن لها أن تلعبه أو تطوّره في أحداث تعيد تشكيل العالم من جديد، نجد الكتلة العربية مبعثرة الجهود بين مع من يريد استبدال السيد الأميركي بالسيد العثماني، «كالمستجير من الرمضاء بالنار»، وبين من يعقد آمالاً على الأوهام التي يسوّقها له الكيان الصهيوني فيرتمي في أحضانه سراً أو علانية غير متّعظ من مآل الأمور في دول عقدت آمالها على العلاقة مع هذا الكيان، فلم يكتفِ بالغدر بها بل سخّر كلّ علاقاته وإمكاناته ليقنع دولاً أخرى باتخاذ خطوات وبناء سدود تنغّص عليها مصدر الحياة التي ترتوي من نسغها. وبين هذا وذاك دول عربية تمتثل لقرارات هي في العمق ضدها بقدر ما هي ضدّ الأخ الشقيق لأنها تكرّس الفرقة والانقسام والعزلة في الوقت الذي يدرك أعداء العرب قبل حكام العرب أن فتح حدودهم والتعاون والتنسيق بينهم هو طريق الخلاص الوحيد لهم جميعاً”.
ومضت شعبان تقول “البعض في عالمنا العربي مزهوّ بانكسار الولايات المتحدة في أفغانستان وتراجع الدور الغربي في الإقليم والعالم، في حين ما زال بعض من يراهنون على السيد الغربي يتوسّلون كلمة منه يعتقدون أنها قادرة على تغيير مصائرهم ومصائر أوطانهم وهؤلاء يذكرونني ببداية الحرب على سوريا حين احتفل بعض المأجورين بدعوة أوباما للرئيس الأسد أن يرحل، معتقدين أن كلمته قَدَر لن يتمكن أحد من تغييره، وفي كلتا الحالتين الرهان هو على الآخر؛ إما أن ينكسر وإما أن يشكّل منقذاً ولا هو بباعث الحياة في بلداننا إن انكسر ولم ولن يشكّل منقذاً لمن لا يعمل ويضحّي ويسرع الخطى في بناء وطنه”.
وتابعت “مع التسليم طبعاً بأن الغرب بعد أفغانستان ليس كما قبله، وأنّ القطب الغربي يشهد حالة تفكّك وتراجع يقابلها صعود متسارع للصين وروسيا والهند وإيران ومنظومات تفكير تؤمن بعالم متعدّد الأقطاب، وبإعادة النظر في العلاقات الدولية، وتقف ضدّ التدخّل في شؤون الدول، ومع كلّ ذلك فإن الوحش الغربيّ المتربّص بالعرب اليوم جاثم على الضفة الأخرى من المتوسّط، حالم بإعادة بناء الإمبراطورية العثمانية على أسس تنظيم الإخوان المسلمين للوصول إلى أهدافه. فالخطر اليوم على سوريا والعراق وليبيا وتونس والجزائر وحتى مصر واليمن ودول الخليج، والخطر على إيران وأرمينيا وعدد من دول آسيا الوسطى هو الخطر العثماني الإخواني الذي يحاول مراكمة أوراقه من خلال ألاعيبه الخبيثة قبل أن تنكشف نياته الحقيقية والخوف هو من الانتظار إلى أن تصبح نياته واضحة للجميع فيكون قد تمدمد واحتلّ وتمركز واستخدم أدواته ضدّ البلدان والشعوب”.
وأكدت المستشارة الرئاسية السورية بقولها “لقد أصبح واضحاً اليوم أن الخطر العثماني والخطر الإسرائيلي على أمتنا صنوان، ولكن الأخطر من كلّ شيء على هذه الأمة هو عدم وضوح الرؤية وعدم الاقتناع بأن عوامل القوة أو الضعف تنبع من الداخل ولا يمكن لأي قوّة مهما عتت أن تنال من بنيان صلب متماسك يحسن صانعوه الدفاع عنه. كما أصبح واضحاً أن كلّ ادعاءات العثماني بالحرص على فلسطين والذود عنها هي ادّعاءات كاذبة لذرّ الرماد في العيون، في حين يتعاون مع الصهيوني في شبكة علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية تمتدّ من الشرق الأوسط إلى القوقاز وآسيا الوسطى”.
وختمت بثينة شعبان مقالتها بالقول “مصيبتان كبريان في تاريخنا العربي هما الخيانة والغمغمة السياسية، والسبب الكامن وراء الاثنين هو عدم الصدق مع الذات والآخر، وعدم المكاشفة الصريحة والجرأة في إعلاء كلمة الحقّ والوطن. لا شكّ أن الوقت أصبح متـأخراً جداً، وأنّ إعادة البناء تتطلّب وقتاً وجهداً وتفكيراً نيّراً وغير تقليديّ، ولكن هل هناك أي خيار آخر متاح من أجل مستقبل أفضل لأمة تهدّدها تطوّرات الأحداث في العالم أن تبقيها خارج التاريخ؟”.