السبت 23 تشرين الأول/أكتوبر 2021
سوريا اليوم – جنيف
علمت “سوريا اليوم” من مصادر في الأمم المتحدة أن استياءً شديداً ساد أوساط فريق المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا “غير بيدرسون” بعد فشل الجولة السادسة للجنة الدستورية السورية التي انعقدت في جنيف على مدار 5 أيام، بالرغم من وعود روسية سابقة بتحقيق تقدم بناء على تفاهمات مع دمشق.
وقال مصدر في الأمم المتحدة اليوم السبت في جنيف، لـ”سوريا اليوم”، طالباً عدم الكشف عن هويته، إن بيدرسون تجنب إلقاء اللائمة على أحد الطرفين الحكومي والمعارض علناً، حتى لا تنهار العملية السياسية، أو يتخذ أي منهما موقفاً معارضاً لاستمرار عمل اللجنة في المستقبل.
وأضاف المصدر، إن بيدرسون طرح مع اقتراب الجولة من نهايتها على الوفود الثلاثة المشاركة (الحكومة، المعارضة، المجتمع المدني) عقد جلستين أخريين قبل نهاية العام، واحدة في أواخر شهر تشرين الثاني/نوفمبر القادم، والأخرى في منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر 2021.
وأوضح أن وفدي المعارضة والمجتمع المدني وافقا فوراً على مقترح المبعوث الدولي، رغم إبداء المعارضة الاستياء من عدم البدء بصياغة مشروع للإصلاح الدستوري كما كان متوقعاً في هذه الجولة. إلا أن وفد الحكومة رفض الالتزام بأي اجتماع للجنة الشهر القادم، وقال إن الحضور إلى جنيف في كانون الأول/ديسمبر ممكن، ولكنه لم يحدد موعداً مناسباً.
بيدرسون “محبط”
وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا “غير بيدرسون” قال أمس الجمعة إن المحادثات التي جرت من 18 إلى 22 تشرين الأول/أكتوبر، وانتهت أمس، بين ممثلي الحكومة السورية والمعارضة والمجتمع المدني بهدف صياغة دستور جديد، فشلت في إحراز أي تقدم.
ووصف بيدرسون الجولة السادسة لاجتماع اللجنة الدستورية السورية بأنها “محبطة للغاية” ولم تصل إلى تفاهم لصياغة مسودة دستور جديد أو الاتفاق على موعد الجولة القادمة، بحسب ما نقلت وكالة “رويترز“.
واللجنة الدستورية المصغرة التي اجتمعت في الأيام القليلة الماضية، تضم 45 ممثلاً عن الحكومة السورية والمعارضة والمجتمع المدني، ومفوضة بصياغة مشروع دستور، يُعرض لاحقاً على اللجنة الدستورية الموسعة التي تضم 150 عضواً ممثلين للأطراف الثلاثة المذكورة، ثم يقود إلى إجراء انتخابات سورية بإشراف الأمم المتحدة.
وخلال المحادثات، وهي أحدث حلقة في سلسلة جهود مستمرة منذ عامين بهدف المصالحة بعد الحرب الأهلية المدمرة في سوريا، قدمت الأطراف مسودات نصوص دستورية تحدد مواقفها إزاء قضايا من بينها السيادة والجيش وسيادة القانون، بحسب تصريحات المبعوث الخاص.
وقال بيدرسون في مؤتمر صحفي بجنيف أمس “في اعتقادي أن من الإنصاف أن نقول إن النقاش اليوم كان محبطاً للغاية. لم نكن نملك الفهم الملائم لطريقة نحرك بها هذه العملية للأمام”.
اتهامات متبادلة
وبينما تجنب بيدرسون الإشارة بأصابع الاتهام إلى جهة بعينها، تبادلت الحكومة والمعارضة السورية الاتهامات بإفشال عمل اللجنة التي كانت منتظرة منذ شهور طويلة، وبدأت أعمالها قبل أيام وسط أجواء أممية متفائلة.
وقال أحمد الكزبري، الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن الحكومة السورية، إن الوفد الحكومي بذل “كل ما في وسعه لإنجاح هذه الجولة”، منحياً باللائمة بشكل مباشر على وفد المعارضة.
وقال الكزبري في مؤتمر صحفي عقده منفرداً إن وفد الحكومة استمع إلى المقترحات التي قدمها بعض المشاركين. ووصف بعضاً منها بأنها بعيدة عن الواقع وتعكس “أفكاراً خبيثة وأجندات عدوانية”.
وأضاف إن فصائل المعارضة كانت تحاول إضفاء الشرعية على “الاحتلال التركي والأمريكي للأراضي السورية”.
من جهته، أشار هادي البحرة، الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن المعارضة السورية، بأصابع الاتهام إلى وفد الحكومة، وقال في مؤتمر صحفي آخر إن مجرد المحاولة للتوصل إلى توافق لم تكن موجودة.
وأضاف إن المعارضة كانت تسعى لوقف القتال والشروع في عملية سياسية حقيقية تتضمن وضع دستور جديد.
وقال إن الدستور الحالي يضفي الشرعية على “الديكتاتورية والاحتكار”، وهو الذي يجعل رئيس الجمهورية قائداً للقوات المسلحة ورئيساً لمجلس القضاء الأعلى وهو الذي يعين قضاة المحكمة الدستورية العليا.
وقالت وكالة “رويترز” إن دبلوماسياً غربياً قال في وقت سابق من الأسبوع “كانت تحدونا آمال كبيرة في أن تغير هذه الجولة الجديدة الأجواء، لكنني لم ألحظ حتى الآن في سلوك النظام تجاه شعبه أي إشارة تحملنا على الاعتقاد بأن هناك جديداً”.
وتعرضت مفاوضات اللجنة الدستورية لهزة كادت تؤدي إلى انهيار الجولة السادسة، عندما سادت أجواء سلبية ومتوترة بعد سقوط 27 قتيلاً سورياً في البلاد في يوم واحد، الأربعاء الماضي، في تفجير “إرهابي” بدمشق (14 قتيلاً، وجرحى) وقصف من الجيش السوري على مدينة أريحا قرب إدلب (13 قتيلاً، وجرحى)، في يوم سوري دامٍ ألقى بظلاله على أعمال اللجنة في جنيف.