الجمعة 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2021
سوريا اليوم – دمشق
عكست تصريحات المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا الكسندر لافرنتييف حول الغارات الإسرائيلية المتواصلة على الأراضي السورية، تطوراً لافتاً في المواقف الروسية، بدا أنه يعزز التسريبات الإسرائيلية حول التفاهمات التي تم التوصل إليها أخيراً، بين موسكو وتل أبيب بشأن منح الأخيرة مجالات أوسع للتحرك على الأراضي السورية لمواجهة ما وصف بأنه تهديدات تنطلق منها.
وكانت موسكو فضلت خلال السنوات الماضية غض النظر عن تصرفات إسرائيل في سوريا، وأبدت التزاماً بالاتفاقات المبكرة التي توصل إليها رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو مع الرئيس فلاديمير بوتين مباشرة بعد بدء التدخل العسكري الروسي في سوريا في خريف العام 2015. وخلال السنوات اللاحقة التزمت موسكو الصمت بشكل كامل حيال الغارات الإسرائيلية المتكررة. هذا الموقف سرعان ما تغير بعد وصول الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلى السلطة، وبدا أن فتوراً سيطر على علاقات الطرفين انعكس في تصعيد موسكو لهجتها في انتقاد تصرفات إسرائيل، وتوجهها لـ”تغيير قواعد اللعبة” من خلال الإعلان عن تزويد دمشق بأنظمة صاروخية متطورة وقادرة على صد الغارات المتواصلة.
لكن هذا التوتر تم تبديده سريعاً، بتحرك نشط من جانب وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد، سبق زيارات قام بها مسؤولون عسكريون إلى موسكو، ثم زيارة لرئيس الوزراء نفتالي بنيت، أسفرت وفقاً لتسريبات إسرائيلية عن تجديد التفاهمات السابقة حول التحركات العسكرية الإسرائيلية، وقال مكتب بنيت في حينها بأن بوتين “أبدى تفهماً كاملاً لمصالح إسرائيل الأمنية”، بحسب ما يقول تقرير مراسل صحيفة الشرق الأوسط في موسكو رائد جبر المنشور اليوم الجمعة.
ورغم أن موسكو التزمت الصمت حيال التسريبات، وفضلت عدم تأكيد أو نفي صحتها رسمياً، فإن تنشيط الغارات الإسرائيلية بشكل ملحوظ بعد الزيارة، عكس تغيراً ملموساً في الموقف الروسي.
وجاءت أمس الخميس تصريحات المبعوث الرئاسي الروسي لتؤكد هذا التطور، خصوصاً أنه تعمد إطلاق تصريحاته من دمشق التي أجرى فيها محادثات مع الرئيس بشار الأسد، وشارك خلال زيارته في أعمال لجنة التنسيق الحكومية المشتركة التي ناقشت ملفات إنسانية على رأسها مسألة عودة اللاجئين. وقال لافرنتييف بأن موسكو تؤكد “رفض الهجمات غير الشرعية من قبل إسرائيل”.
واستخدم صيغة لافتة في تنديده، إذ وصف تحركات إسرائيل بأنها “أعمال لا إنسانية” مؤكداً أنها “غير مقبولة بشكل قاطع”.
ومع دلالات حصر الغارات المتواصلة بأنها “أعمال لا إنسانية” ما يعكس عدم تعامل موسكو مع الملف بصفته موضوعاً سياسياً وعسكرياً بالغ الأهمية، فإن الشق الثاني من حديث المبعوث الروسي كان لافتاً أيضاً، إذ رفض لافرنتييف فكرة الرد العسكري على الغارات الإسرائيلية. وقال إنه “في هذا السياق سيكون الرد باستخدام القوة غير بنّاء لأنه لا أحد يحتاج إلى حرب جديدة على الأرض السورية”. ودعا إلى “التواصل مع الطرف الإسرائيلي على جميع المستويات حول ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها ووقف عمليات القصف”، من دون أن يوضح ما إذا كان المقصود أن تقوم موسكو بالتواصل مع الجانب الإسرائيلي أم أن الدعوة موجهة للسوريين لفتح قنوات اتصال معه.
وشدد المبعوث الروسي على أنه “يجب عدم تحويل سوريا إلى ساحة لتسوية الحسابات بين خصوم إقليميين. لهذا السبب سنواصل عملنا في هذا الاتجاه وسنعمل على تحقيق وقف كامل لهذه التصرفات”.
وفي موضوع آخر، تطرق لافرنتييف خلال حديثه بشكل غير مباشر إلى الوضع في مناطق شمال شرقي سوريا، وما وصف بأنه تشجيع أميركي للنزعات الانفصالية، مؤكدا رفض موسكو “محاولة إنشاء “أشباه دول” داخل سوريا”، وجدد الدعوة إلى “ضرورة احترام سيادة سوريا”.
في السياق ذاته، عكست تصريحات نقلتها وسائل إعلام حكومية روسية أمس الخميس، عن السفير الإسرائيلي السابق بموسكو تسفي ماغين أن التفاهمات بين موسكو وتل أبيب تبدو مرضية للطرفين وتحقق مصالحهما. وقال ماغين إن موسكو “مهتمة جداً بالشرق الأوسط وتطمح لتعزيز نفوذها”، مشيراً إلى أن إسرائيل “ليست لديها مصلحة بأن تواجه دولة عظمى كروسيا”. وأوضح أن “روسيا نجحت في تثبيت وضعها وتعزيز مكانتها ولا يمكن أن ننكر أنها سجلت تقدماً ملحوظاً وإنجازات وأنها ستبقى هنا، لأن البحر المتوسط هو أحد أهم أسباب وجودها في المنطقة، هذا البحر الذي لطالما كان منطقة نزاع بين القوى العالمية، لذا فوجودها في سوريا يخدم هذا الهدف والذي هو بمثابة إنجاز أساسي بالنسبة إليها”.
ولفت ماغين إلى أن “هناك تنسيقاً ناجعاً بين روسيا وبين إسرائيل، أريد أن أقول إن روسيا موجودة في المنطقة لتعزيز مصالحها في سوريا، وكذلك إسرائيل لديها مصلحة في حماية حدودها ومواجهة أعدائها كإيران، لذلك روسيا تضطر لمواجهة واقع يتعدى تأمين الداخل السوري إنما أيضاً تأمين الجبهات من قبل جهات أخرى مثل إسرائيل، لذلك اضطرت للوصول إلى تفاهمات وتنسيقات مع إسرائيل”. وأضاف أنه “من مصلحة إسرائيل التوصل دائماً إلى تهدئة للأمور والتوصل إلى تفاهمات. أرى أن إسرائيل لا تزعج الوجود الروسي في سوريا ولا تضر بمصالح روسيا هناك، بالمقابل روسيا لا تضايق إسرائيل في مواجهة التهديد الإيراني من سوريا”.
ولفت ماغين، إلى ما وصفه تصاعد في التباين بين موسكو وطهران في سوريا، وقال إن روسيا “جاءت إلى سوريا بدعم إيراني، وتعاون الطرفان في الائتلاف ذاته الذي حارب الإرهاب في سوريا، ولكن مؤخراً، تتزايد حدة التنافس بينهما في عدة أمور ليس لها علاقة بإسرائيل، فلكل منهما مصالحه الخاصة في سوريا”.
مساع روسية لإخراج إيران من قاعدة “تي فور”
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر أن روسيا تسعى لإخراج إيران من قاعدة “تيفور”، وسط سوريا، بعد تعرضها لقصف إسرائيلي متكرر.
وقالت شبكة “عين الفرات” السورية المحلية (معارضة)، إن “ضباطاً في القوات الروسية عقدوا اجتماعاً مع قادة في الحرس الثوري الإيراني لبحث مصير مطار تي فور، بريف حمص، وتوصل الجانبان لتفاهمات تقضي بانسحاب الميليشيات من المطار”.
وتهدف موسكو من وراء تلك الخطوة لإعادة السيطرة الروسية على المطار وإبعاد الإيرانيين منه، إذ من المتوقع تنفيذ الانسحاب في غضون أيام.
وقبل مدة أقامت القوات الروسية مهبطاً جديداً للطائرات المروحية، في منطقة خربة التياس، على مقربة من مطار “تي فور”، في إطار التنافس على النفوذ بين الجانبين، بحسب ما يقول تقرير لصحيفة الشرق الأوسط اليوم الجمعة.
وأعلن التلفزيون السوري، صباح الأربعاء، أن إسرائيل أطلقت صاروخين استهدفا مبنى خاوياً جنوب دمشق من اتجاه هضبة الجولان، ذلك في رابع قصف إسرائيلي في سوريا منذ لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت في سوتشي، في 22 تشرين الأول/أكتوبر الماضي. والأسبوع الماضي، قصفت إسرائيل مواقع في وسط سوريا وغربها، ثم حصل قصف على مواقع تابعة لإيران شمال شرقي سوريا من “طائرات مجهولة الهوية”.
وبداية الشهر، كشف وزير البناء والإسكان الإسرائيلي زئيف إلكين، الذي أدى دور المترجم خلال اللقاء بين بوتين وبنيت، أنهما “تفاهما على العمل على إخراج إيران من سوريا”.
وقُتل تسعة مقاتلين موالين لدمشق، في 14 تشرين الأول/أكتوبر الماضي في قصف إسرائيلي استهدف منطقة تدمر في محافظة حمص وسط البلاد، بعد أسبوع واحد من مقتل عنصرين غير سوريين من المقاتلين الموالين لإيران، في قصف إسرائيلي استهدف أيضاً مطار “تي فور” ومحيطه، وفق “المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وشنت إسرائيل خلال الأعوام الماضية عشرات الغارات في سوريا، مستهدفة مواقع للجيش السوري وأهدافاً إيرانية وأخرى لـ”حزب الله” اللبناني.
ونادراً ما تؤكد إسرائيل تنفيذ ضرباتها تلك في سوريا، لكنها تكرر أنها ستواصل تصديها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.
وحسب “المرصد”، فإن إسرائيل استهدفت الأراضي السورية 23 مرة منذ بداية العام، ودمرت 65 هدفاً، وقتلت 120 شخصاً. وأوضح في تقرير تفصيلي، أمس الخميس: “تتواصل الاستباحة الإسرائيلية للأراضي السورية، تحت الذرائع ذاتها، وهي (الوجود الإيراني) الكبير في البلاد، دون أي ردة فعل تذكر للنظام السوري الذي يكتفي بالتنديد إعلامياً، وواصلت إسرائيل سلسلة التصعيد الذي بدأت فيه منذ عام 2018، واستهدفت منذ مطلع العام الحالي (2021) الأراضي السورية 23 مرة، حيث عكف (المرصد) بدوره على متابعة ومواكبة جميع الضربات الإسرائيلية خلال ما يزيد على 300 يوم”.
وأضاف أنه أحصى “منذ مطلع عام 2021، 23 مرة قامت خلالها إسرائيل باستهداف الأراضي السورية، سواء عبر ضربات صاروخية أو جوية، أسفرت عن إصابة وتدمير نحو 64 هدفاً ما بين مبانٍ ومستودعات للأسلحة والذخائر ومقرات ومراكز وآليات. وتسببت تلك الضربات في مقتل ومقتل 119 شخصاً، بينهم 114 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها و(حزب الله) اللبناني والقوات الإيرانية والميليشيات الموالية”.
سوريا اليوم. أخبار سوريا. أخبار سوريا اليوم. سورية اليوم. أخبار سورية. أخبار سورية اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم سوريا. أخبار اليوم سورية.