الأربعاء 10 شباط/فبراير 2021
ترى، لماذا يخالف نظام بشار الأسد، المادة 51 من الدستور السوري، ويعاقب غير المرتكبين جرماً؟!
بمعنى، ما علاقة الأهل والأقارب ليتم الحجز على ممتلكاتهم، إن لا يوجد أموال وممتلكات للمتخلف عن سداد بدل الخدمة العسكرية البالغ 8 آلاف دولار، رغم أن ذلك لم تأت عليه التشريعات، سواء القانون 30 لعام 2007 وتعديلاته عام 2017 ولا حتى القانون 31 لعام 2000 الذي يبدأ تنفيذه منذ فبراير/شباط الجاري.
أم أن بطرح السؤال سذاجة ومطالبة بصون القانون، ببلد يعيش على خرق القوانين، وما هذه الجريمة، إلا “جنحة” إذا ما قيست بجرائم نظام الأسد على مدى السنوات العشر الماضية، كبيع المقدرات ورهن الثروات والتهجير والقتل بالبراميل بل وحتى الإبادة الجماعية بأسلحة محرمة دولياَ، كما حدث بغوطة دمشق عام 2013.
ولكن، وإن كان من سذاجة بالطرح، فعلاً لماذا يخرق نظام الأسد الدستور وهل هذه المرة الأولى التي يفعل؟!
بالإجابة على الشق الثاني من السؤال، ليست المرة الأولى، بل ثمة قوانين وقرارات، صدرت بعد الثورة عام 2011، تقفز على الدستور، وربما أفقعها وأبلغها، القانون رقم 10 لعام 2018 الذي “شرعن” مصادرة ممتلكات السوريين الهاربين من القتل والملاحقة، إن لم يعودوا ويتقدموا بأوراق إثبات الملكية، بغضون شهر.
والعذر وقتذاك، كان التنظيم العمراني وإزالة التلوث البصري لينعم السوريون بجمال مدنهم..
وتكرر الخرق ويتكرر حتى الساعة، عبر مصادرة الأراضي الزراعية للهاربين من الموت، والمثال حاضر بأرياف مدينتي إدلب وحلب الآن، حيث يتم طرح الأراضي الزراعية وحتى المنازل للتأجير أو الاستثمار، لتعود العائدات لخزينة الدولة وسيد الوطن، إذ لم يكتف نظام الأسد بتهديم البيوت والممتلكات، ولا حتى بنزوح أصحاب الملكيات إلى المخيمات على الحدود، ليعانوا البرد والجوع والإذلال، بل لاحق ممتلكاتهم بعد تهجيرهم واحتلال قراهم، خاصة بعد سيطرته والميليشيات المساندة، على ريف إدلب الشرقي في شباط/فبراير العام الماضي.
وأما السؤال الأهم بالقضية، لماذا بشار الأسد يخرق الدستور عبر تصريح مدير فرع البدل بالمديرية العامة للتجنيد، إلياس بيطار ” تنفيذ الحجز على أملاك أهل وذوي المتخلفين عن العسكرية” إذ لا يمكن، بحسب بيطار، لأي مكلف ولأي مواطن في الجمهورية العربية السورية حتى لو تجاوز الـ 42، ولم يلتحق بالخدمة العسكرية أنّ يعفى من دفع البدل النقدي وقدره مبلغ ثمانية آلاف دولار أميركي. انتهى الاقتباس.
الإجابة على ما نزعم تتأتى من ثلاثية التطفيش والتغيير الديموغرافي والإفلاس.
فركن التطفيش سيتحقق حينما لا يدفع “الهاربون من الموت” بدل فوات الخدمة الإلزامية. فإن استبعدنا عدم رغبة كل من ترك سوريا، وجلهم محسوبون على المعارضة، دعم نظام الأسد بالمال، فالأرجح أن معظمهم لا يمكنه الدفع، فمن هرب من سوريا وهو بسن الخدمة”18-42 سنة” يعيش بالمخيمات بدول الجوار أو لاجئ فيها أو بأوروبا، ودخله بالكاد يسد نفقات معيشته.
وقتذاك، بواقع عدم الدفع، لن يستطيع المكلف العودة إلى سوريا، ما دام الأسد على كرسي أبيه.
والركن الثاني وكيف سيتم التغيير الديموغرافي، فببساطة، كل من لا يدفع، سيتم الحجز على ملكيته أو ملكيات أهله وذويه، وستطرح للبيع بأسعار تناسب الوافدين الجدد، من جنوب لبنان والعراق وإيران، لأن أهل البلد لا يمكنهم الشراء بواقع فقر تزيد نسبته عن 90%، وليس من راغب، سوى من يشتري بدمشق القديمة وحلب ويعبث بالتركيبة الاجتماعية والديموغرافية وحتى المذهبية، بمدن الجزيرة السورية وبمقدمتها دير الزور، وقتذاك، يحقق نظام بشار الأسد شعار التجانس وسوريا لمن يسكنها ويدافع عنها، كما طرح منذ سنوات.
وأما السبب الثالث والذي نعتقده الأهم، فهو تحصيل الأموال لخزينة بشار الأسد الخاوية، إن لم نقل تمويل حملته الانتخابية لوراثة كرسي أبيه.
وليأخذ الطرح موقع التوثيق، تعالوا نقلب بصفحات الاقتصاد السوري وموارد الخزينة العامة وإن على عجل.
معروف لأي متابع، أن موارد الخزينة العامة للدولة، كانت تأتي عبر ثلاثية “النفط، فوائض المؤسسات الاقتصادية الحكومية والضرائب” لكن هذه الموارد لم تشح فحسب، بل تحولت إلى مستنزف، بعد تراجع إنتاج النفط من 385 ألف برميل يومياً عام 2011 إلى نحو 20 ألف برميل يسيطر عليها الأسد اليوم، ووصلت فاتورة استيراد النفط، بحسب رئيس حكومة الأسد، حسين عرنوس، مليار و66 مليون دولار عن الستة أشهر الأخيرة من العام الماضي، أي تبلغ فاتورة استيراد النفط وبأقل التقديرات، 2.130 مليار دولار سنويا.
أما مؤسسات القطاع الحكومي، فهي تموّل بالاستدانة لتسد أجور عمالتها، بعد تراجع الإنتاج بأكثر من 70% وتهديم بعضها وتراجع القدرة الشرائية للسوريين، ليأتي الركن الثالث “الضرائب” والتي كانت حتى عام 2011 تشكل 12% من حجم الناتج المحلي، تراجعت اليوم نسبتها إلى أقل من 5% بعد زيادة التهرب الضريبي عن 2000 مليار ليرة العام الماضي بحسب تصريحات رسمية من دمشق.
إذا، لم يعد من موارد بالدولة تكفي للموازنة الفلكية التي طرحها النظام للعام المالي الجاري بقيمة 8.5 تريليون ليرة، والتي جاءت ضعف موازنة العام الماضي بالليرة وإن كانت الأقل منذ اندلاع الثورة عام 2011، إذا ما قيست بالدولار “لا تتجاوز 6.8 مليار دولار” وليس من مصادر للقطع الأجنبي لدى الأسد، بعد صفرية عائدات السياحة وعجز الميزان التجاري، سوى ما يمكن تسميته “خدمات الوطن” فرأيناه ضاعف، خاصة لمن هم خارج سوريا، رسوم خدمات الحصول على أي وثيقة رسمية “إخراج قيد، بيان عائلي، جواز سفر..” ولجأ إلى الوعيد والحجز التنفيذي لمن لم يدفع بدل فوات الخدمة العسكرية.
عله، بهذه الإتاوات، يستمر على كرسي أبيه ويستورد المشتقات النفطية “2.130 مليون سنوياً” والقمح “نحو 350 مليون دولار” ويسعف ما أمكن، سعر صرف الليرة المتهاوي الذي تعدى 3200 ليرة مقابل الدولار الواحد.
ليبقى بآخر القول، سؤال معلّق، هل كان وعيد رئيس فرع البدل بيطار، بمثابة التخويف والتلويح بعصا الحجز وبيع ممتلكات الأهل، أم ترى نظام الأسد سيقدم على خرق الدستور ويبيع فعلاً ممتلكات السوريين لآله وشركائه بالحرب على الثورة وتطلعات السوريين إلى الحرية والكرامة..
وإن فعل، ماذا يمكن للسوريين أن يفعلوا وإلى من يمكن أن يلجؤوا لينصفهم، إن كان العالم الديمقراطي صمت ولم يزل، على قتلهم وتهجيرهم.. بل ويحاول إعادة إنتاج بشار الأسد وتسويقه دولياً، ليعود لكرسي أبيه بولاية وراثية رابعة.
المصدر: زمان الوصل
- عدنان عبد الرزاق كاتب سوري