الخميس 11 آب/أغسطس 2022
سوريا اليوم – القامشلي
تتذكر انجيل كسبار (70 عاماً)، وهي من سكان مدينة القامشلي، جيداً حال نهر جقجق قبل أكثر من 50 عاماً، حين كان صالحاً للشرب ويستخدمه سكان المنازل المجاورة في الأمور المنزلية وتروى منه آلاف الدونمات الزراعية، عدا عن أن خرير مياهه كان يسمعه كل من يمر بجواره.
حال النهر اليوم مختلف كلياً عن ذلك المشهد، أصبح من أهم مصادر التلوث في المدينة بعد رمي سكان المنازل وأصحاب المحال الملاصقة نفاياتهم في النهر، بحسب تحقيق نشرته وكالة “نورث برس” المحلية السورية (معارضة) اليوم الخميس.
بات النهر مكاناً لرمي النفايات، تفوح منه الروائح الكريهة وتتجمع فيه أكوام أكياس البلاستيك والقمامة، كما أن مياهه آسنة ولونها يميل للسواد، يضاف إلى ذلك الانتشار الكبير للحشرات وأسراب البعوض والذباب التي تنتشر على طول مجراه في المدينة.
وعلى خلاف ما كان عليه في الماضي، بات السكان يستعجلون المرور بجواره بسبب رائحته، فيما عمد أصحاب محال كانت على مقربة منه، لنقلها من هناك.
ويقطع نهر جقجق مسافة أكثر من 100 كم، قبل أن يصبَّ في نهر الخابور بريف الحسكة.
ويدخل النهر الأراضي السورية قادماً من تركيا محملاً بتلوث مياه الصرف الصحي، وتزيده المدينة تلوثاً أكبر، حيث تُربى الجواميس على ضفافه تاركة أوساخاً ومخلفات لا تُحصى.
مطالبات بحلول جذرية
وعلى الرغم من الحملات التي قامت بها بلدية الشعب في القامشلي لتنظيف مجرى نهر، إلا أن النفايات سرعان ما تعود وتتراكم في المياه، دون وجود أي إجراءات جدية تحدُّ من ذلك.
كما يساهم حبس تركيا لمياه النهر في أراضيها وفتح قنوات الصرف الصحي على النهر، دون جريان المياه.
وتشتكي سيتا أرويان (65 عاماً)، وهي من سكان القامشلي، ويقع منزلها بالقرب من نهر جقجق من انتشار الفئران والأفاعي والجرذان والحشرات، مسببة لأفراد عائلتها أمراضاً جلدية.
وتضيف السيدة بلهجتها المحلية، “ما شفت بحياتي نهر وسخ هيك, كل من يمر بجواره يرمي الأوساخ والنفايات كأنه مكان مخصص لرمي القمامة وليس نهراً”.
ولا تتمكن عائلة “أرويان” من تهوية غرفها عبر فتح النوافذ أو النوم خارجاً في فصل الصيف بسبب رائحة النهر.
ولم يعد جقجق الذي كان مصدراً رئيسياً لسقاية الأراضي التي تقع على مجراه، صالحاً لسقاية المحاصيل بسبب تلوثه الكبير.
ويحمل إبراهيم قادو (50 عاماً)، البلدية سبب تفاقم المشكلة، ويرى كما سابقيه أنه يجب تنظيف مجرى النهر بشكل دوري وليس مرة كل سنة.
ولم ينكر الرجل الخمسيني وهو صاحب محل تجاري بالقرب من النهر، قيام أصحاب المحال برمي نفاياتهم بالنهر، مطالباً البلدية بوضع “حلول جذرية” للمشكلة.
“السكان غير متعاونين”
وفي الوقت الذي ينتقد سكان وأصحاب محال تجارية قريبة من جقجق، البلدية لتقصيرها في تنظيف النهر، تلقي الأخيرة جانباً من المسؤولية على السكان الذين “لا يتعاونون” ويستمرون في رمي النفايات.
وتقول آرين هادي، الرئيسة المشاركة لبلدية الشعب في القامشلي، إنهم وضعوا لافتات لتوعية السكان على أهمية المحافظة على نظافة النهر والمدينة ووضع حاويات القمامة لرمي الأوساخ فيها، “لكن هذا لم يجلب أي نتيجة لأن السكان لا يتعاونون مع البلدية ولا يحملون المسؤولية”.
وتقوم البلدية بين الحين والآخر برش المبيدات الحشرية في المنطقة المجاورة للنهر، بحسب “هادي”، لكن ذلك يبدو غير مجدٍ في ظل ارتفاع درجات الحرارة وتكاثر الحشرات سريعاً.
وتخطط البلدية بحسب إدارتها، لإنشاء سياج ورصيف حول النهر وزراعة أشجار، “منعاً لرمي الأوساخ فيه”، لكن يشكك البعض بأن هذه الخطة ستسهم في حل المشكلة بشكل كلي.
ويقول أحمد رفيعة، وهو صاحب محل حلويات، إن مبيعات محله تتأثر بسبب قربه من النهر، “يمتنع العديد من الشراء لدي، يفضلون الشراء من محال بعيدة عن النهر، خوفاً من أن يكون إنتاج محلي ملوثاً”.
ولا يستبعد البائع أن ينقل محله إلى مكان آخر، بسبب تراجع عدد زبائنه وتكبده خسائر في دفع تكاليف الإنتاج.
سوريا اليوم. أخبار سوريا. أخبار سوريا اليوم. سورية اليوم. أخبار سورية. أخبار سورية اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم سوريا. أخبار اليوم سورية.