الاثنين 12 حزيران/يونيو 2023
سوريا اليوم – دمشق
أمام أحد المراكز الامتحانية للثانوية العامة في دمشق، تجمع أهالي الطلاب وقد بدت على أغلبهم علامات التوتر والقلق، وما إن خرج أول طالب من الامتحان حتى هرع إليه عدد من المنتظرين، أحدهم سأل بلهفة: «كيف كانت الأسئلة؟»، وأخرى طلبت اطلاعها على ورقة الأسئلة لتطمئن على امتحان ابنتها التي أوصتها بعدم مغادرة القاعة قبل انتهاء الوقت حتى لو أجابت عن جميع الأسئلة، في حين دارت سيدة على المنتظرين تسقيهم القهوة المرة والماء «حسنة لوجه الله» كي يعين الله ابنها في امتحانه.
والد أحد الطلبة، كان عابساً ومتوتراً ينظر إلى ساعة الجوال؛ إذ إنه مرتبط بموعد ولا يريد المغادرة قبل خروج ابنه من الامتحان.. إلخ من أجواء يهيمن عليها التوتر والقلق في محيط المراكز الامتحانية، وتمتد لتطغى على أسر نحو 256 ألفاً و924 طالباً وطالبة، يخوضون امتحاناتهم في ألفين و332 مركزاً امتحانياً في جميع المحافظات السورية، بحسب أرقام وزارة التربية، التي يوردها تقرير لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية.
وكانت امتحانات الثانوية العامة (البكالوريا) بفرعيها العلمي والأدبي، والثانوية المهنية (الصناعية والتجارية والنسوية)، قد انطلقت في 7 من الشهر الجاري وستستمر إلى 24 منه. ويشهد هذا الوقت حالة تأهب شديد لدى أهالي الطلاب؛ لأن النتيجة تحدد مستقبل الطالب والطالبة، فإما النجاح بمعدل عالٍ يعزز فرص اختيار الفرع الدراسي الجامعي، أو الحصول على معدل ضعيف يجعل خياراته تتراوح بين القبول بالأمر الواقع وإعادة السنة الدراسية، والرسوب والدخول في دوامة الإحباط.
خلال سنوات الحرب، بات التعليم والحصول على الشهادة الثانوية، إحدى سبل الخلاص، لا سيما الذكور الذين يعيشون ضغط ملاحقة الدولة لهم بالخدمة العسكرية الإلزامية؛ إذ يمكن للطالب تأجيل الالتحاق بالتجنيد حتى إتمام الدراسة. كما يمكن أن يستفيد الطالب أو الطالبة من الشهادة الجامعية، بالحصول على منح دراسية في الخارج تتيح لهم الهجرة، إلا أن إلحاح الأهالي على الأبناء للدراسة وتحصيل معدلات عالية، غالباً مرده تعزيز فرص الالتحاق بالجامعات الحكومية بعد ارتفاع تكاليف التعليم في الجامعات والمعاهد الخاصة، بما يفوق قدرة غالبية السوريين.
وقد تضاعف الرهاب الامتحاني لدى الطلاب في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، لتكبدهم عناء السفر مئات الكيلومترات للوصول إلى المراكز الامتحانية والوقوف على الحواجز، ناهيك بتكاليف النقل الباهظة.
وكشفت مصادر طبية في حلب، مع بدء الامتحانات، عن وجود أكثر من 800 حالة مرضية، يسيطر على أصحابها الخوف والتوتر النفسي، غالبيتهم من الطلاب الوافدين من المناطق خارج سيطرة الحكومة. ومن هذه الحالات الرجفان وألم البطن والصداع.
وسجلت في دمشق وفاة طالب البكالوريا أحمد المصري، قبل الامتحان بأيام، نتيجة توقف قلبه بشكل مفاجئ. وحسب إفادات عائلته وأساتذته وأصدقائه، لا يعاني أحمد من أي أعراض مرضية، فقد كان شديد الاهتمام بالدراسة هاجسه الحصول على الدرجة التامة، ما تسبب له بالقلق، مع أن أحد المقربين منه استبعد العلاقة بين القلق من الامتحان وتوقف القلب المفاجئ.
رهاب داخل العائلة
«أريد ابناً طبيعياً لا طبيباً مضطرباً نفسياً»، قال الصيدلاني محمد لزوجته الطبيبة، طالباً منها التوقف عن الضغط على ابنهما الذي يخوض امتحانات الثانوية العامة بالفرع العلمي.
يشكو الصيدلاني من التوتر والضغط النفسي الرهيب الذي دخلته العائلة منذ عام بسبب وصول ابنه البكر إلى الثانوية العامة والاستعداد للامتحان النهائي: «منذ ستة أشهر أدخلتنا زوجتي في حالة استنفار داخل البيت، لا نزور أحداً ولا أحد يزورنا، كما أغلقت عيادتها في الشهر الأخير قبل الامتحان، لتتفرغ كلياً لمراقبة دراسة ولدنا». يقول الصيدلاني إن هذه الأجواء أرهقت الأسرة، بسبب مخاوف الأم من رسوب ابنها، أو تحصيل علامات دون المعدل المطلوب لدخول كلية الطب أو الهندسة، «وقد انعكس ذلك على ابننا الذي أبلغنا أكثر من مرة بعدم رغبته بدراسة الطب».
قطع الاتصالات لمنع الغش
رهاب الامتحانات يصيب عموم البلاد بسبب إصرار الحكومة على قطع الاتصالات والإنترنت خلال أوقات الامتحانات، للحد من تسرب الأسئلة أو عمليات الغش، وقد وجّه وزير التربية قبل الامتحانات الأخيرة، نصيحة للطلاب: «أنصح الطلاب بعدم التفكير بالغش لوجود جهاز مراقبة جيد جداً».
وتشهد العملية التعليمية في سوريا مساراً شاقاً منذ عام 2011، بسبب القصف والدمار واللجوء والنزوح، والتردي الاقتصادي الذي عمقته كارثة الزلزال في 6 فبراير (شباط) الماضي، ما أدى إلى ارتفاع نسب التسرب من المدارس، وقدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) لعام 2021، عدد الأطفال المحرومين من التعليم في سوريا بأكثر من مليوني طفل.
سوريا اليوم. أخبار سوريا. أخبار سوريا اليوم. سورية اليوم. أخبار سورية. أخبار سورية اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم سوريا. أخبار اليوم سورية.