الأربعاء 20 أيلول/سبتمبر 2023
سوريا اليوم – نيويورك
في خضم الجهود المبذولة لتقريب وجهات النظر ما بين أنقرة ودمشق، اقترحت طهران خطة عمل بشأن انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، إنه اقترح أن تلتزم تركيا أولاً بسحب قواتها العسكرية من الأراضي السورية، وثانياً أن تلتزم سوريا بنشر قواتها على الحدود حتى لا تتعرض الأراضي التركية للتهديد، مؤكداً أن إيران وروسيا ضامنتان في هذا الاتفاق.
أردوغان: دعم “المنظمات الإرهابية” أكبر تهديد لوحدة سوريا
إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمته أمام الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأمريكية أمس الثلاثاء، تحدث عن “أكبر تهديد لسلامة الأراضي السورية ووحدة سوريا السياسية”، بحسب ما نقلت وكالة “الأناضول” التركية للأنباء.
فقد جاء في كلمة الرئيس التركي أن “أكبر تهديد لسلامة الأراضي السورية ووحدتها السياسية هو الدعم العلني المقدم للمنظمات الإرهابية المتحكمة بها قوى خارجية لديها أجندات في هذا البلد”، في إشارة إلى رفض بلاده سحب قواتها من الأراضي السوري طالما استمر وجود قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أمريكياً في المناطق المتاخمة للحدود السورية – التركية.
وأردف أردوغان: “لا يحق للدول التي تواصل العمل مع التنظيمات الإرهابية من أجل مصالحها السياسية والاقتصادية الخاصة أن تشتكي من الإرهاب ومشكلاته”، معرباً عن استنكاره سياسات بعض الدول “التي تستخدم التنظيمات الإرهابية غطاء لمصالحها”.
واستطرد الرئيس التركي: “ضقنا ذرعاً بنفاق من يستخدمون داعش وأمثاله غطاءً لتحقيق مصالحهم في الشرق الأوسط بما فيه سوريا والعراق وشمال إفريقيا ومنطقة الساحل”.
وفي خطابه، أوضح أردوغان أن المأساة الإنسانية في سوريا بدخولها العام الثالث عشر “تجعل الظروف المعيشية أصعب لكل شخص في المنطقة بغض النظر عن أصوله ومعتقده”، قائلاً إن “تركيا هي الدولة الوحيدة التي تبدي موقفاً مبدئيا ًوبناء وعادلاً تجاه التطورات التي تهدد وحدة سوريا السياسية وسلامتها الاجتماعية وبنيتها الاقتصادية”.
وأردف:” كما أن إنهاء الأزمة في منطقتنا الجنوبية عبر إيجاد حل شامل ودائم ومستدام يلبي التطلعات المشروعة للشعب (السوري)، يزداد أهمية يوما بعد يوم. إن التأثير المدمر لزلزال 6 شباط/فبراير الذي أثّر على 14 مليون شخص في بلدنا، ألقى بظلاله على سوريا أيضاً”.
وأشار أردوغان إلى تردي وتفاقم الأوضاع الإنسانية، في شمال غربي سوريا مع توقف المساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة عبر الحدود.
وأردف: “نحن في تركيا بالطبع لن نترك أكثر من 4 ملايين شخص يكافحون من أجل البقاء في ظل ظروف معيشية صعبة في الشمال السوري، يواجهون مصيرهم”. وأشار إلى أنه “مع اكتمال الوحدات السكنية التي قمنا بدور رائد في تشييدها خلف حدودنا، ستتسارع عملية عودة اللاجئين في بلادنا إلى هذه المناطق”، بحسب تعبيره.
تركيا ترفض المقترح الإيراني
وفي تقرير لوكالة “سبوتنيك” الروسية، استبعد مراقبون قبول تركيا المقترح الإيراني لأسباب عدة، أهمها قضية اللاجئين، والمخاوف الأمنية على الحدود، وكذلك الأطماع المتعلقة بالسيطرة على المحافظات الشمالية.
إذ اعتبر جواد كوك، المحلل السياسي التركي، أن أنقرة لن تقبل بأي شكل من الأشكال بمقترح الوساطة الإيرانية، حيث لا يوجد أي ضوء أخضر من تركيا للانسحاب عسكريا من داخل سوريا.
وفي حديث لـ “سبوتنيك”، قال كوك إن ملف التواجد العسكري التركي في سوريا قد يظل للمراحل المقبلة، حيث أن أنقرة تصر على تواصل مباشر مع دمشق بلا شروط استباقية، فيما يريد الجانب السوري الانسحاب التركي من الأراضي السورية قبل أن تتم عملية التواصل، مؤكدا أن المقترح الإيراني مرفوض على المستوى التركي.
وفيما يتعلق بطريقة عقد مصالحة بين أنقرة ودمشق، قال كوك إنه لا بد من تغيير السياسة التركية، لكنه مستبعد في الوقت الراهن، حيث من الممكن أن يكون هناك ضغط روسي في المراحل المقبلة، وأن يكون هناك ضمان لنشر القوات السورية على الحدود مع تركيا، وفي هذه الحالة يمكن لأنقرة الانسحاب.
وقال إن السيناريو الأقرب هو ممارسة روسيا لبعض الضغوط من أجل التواصل المباشر ما بين الجيشين التركي والسوري، ومن ثم انسحاب القوات التركية واستقرار القوات الحكومية والجيش السوري في أماكنهم الطبيعية، لكنه بحاجة إلى وقت لتنفيذه.
من جانبه، قال عمر رحمون، المحلل السياسي السوري (المقرب من النظام السوري)، إن المقترح الإيراني المتعلق بانسحاب تركيا من الأراضي السورية وتواجد الجيش السوري على الحدود لضمان استقرار المنطقة وضبط الحدود، قديم جديد، وجاء كنوع من أنواع الدفع لعملية المصالحة بين دمشق وأنقرة إلى الأمام.
وقال لـ”سبوتنيك”، إنه سبق أن تقدمت طهران بهذا المقترح أكثر من مرة، وعملت عليه سياسياً وأمنياً وعسكرياً، لكن تركيا لم تلتزم بخروجها من الأراضي السورية، مؤكدا أن المطلب الإيراني، وإن كان قديماً، فهو مطلب الدولة السورية، لكن هناك تساؤلات بشأن إمكانية قبول والتزام تركيا به.
ويستبعد رحمون أن توافق أنقرة على مقترح طهران لعدة أسباب، أبرزها اعتقاد تركيا بضعف الدولة السورية عن ضبط المنطقة التي ستخرج منها إن قررت ذلك، حيث وجود قوات “قسد” وحزب العمال الكردستاني على الحدود السورية التركية قد يؤرق الأمن القومي التركي، لذلك من غير المعقول أن تخرج هذه القوات بناءً على مقترح إيران.
وأكد أن هناك كذلك قضية اللاجئين، وتدفقها بالملايين إلى تركيا، وخروجها من الشمال السوري من شأنه أن يزيد هذه المسألة تعقيداً ويضاعف عدد النازحين إلى أنقرة.
وقال المحلل السوري إن المقترح الإيراني سبق أن طرح أكثر من مرة في الغرف المغلقة، والآن يتم طرحه في الإعلام، لكن لا يوجد توافق تركي بشأنه، خاصة في ظل الأطماع التركية داخل الأراضي السورية، والميثاق الذي تحدث عن أن المحافظات السورية والعراقية الشمالية هي محافظات تركية، وأنقرة لديها أطماع في إعادة تفعيل هذا الميثاق وعودة سيطرتها على هذه المحافظات.
وأوضح عمر رحمون أن ما يمنع تركيا كذلك من قبول هذا المقترح، هو مشروعها التوسعي ودعمها للمعارضة السورية الذي لن يتوقف، معتبراً أن التواجد التركي في الشمال السوري هو أكبر داعم لهذه المعارضة حتى تحقق بعضا من أهدافها.
وكان الرئيس التركي أردوغان دعا “سوريا إلى التحرك وفق الحقائق على الأرض”، مشدداً على أهمية أن “تبتعد (سوريا) عن التصرفات التي تلحق الضرر بهذا المسار”. وأكد أنه “حتى الآن، لا يوجد موقف إيجابي من الجانب السوري تجاه جهود تطبيع العلاقات بين البلدين”.
وكان الرئيس السوري بشار الأسد، قد أكد من قبل أن “الانسحاب التركي من الأراضي السورية، أمر حتمي ولا بد منه لعودة العلاقات الطبيعية بين دمشق وأنقرة”.
سوريا اليوم. أخبار سوريا. أخبار سوريا اليوم. سورية اليوم. أخبار سورية. أخبار سورية اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم سوريا. أخبار اليوم سورية.