الخميس 15 شباط/فبراير 2024
سوريا اليوم – واشنطن
وسط تساؤلات عن جدوى فرض المزيد من العقوبات الأمريكية على حكومة دمشق أو الساعين لإعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها، المقيدة منذ دخول قانون “قيصر” حيز التنفيذ عام 2020، احتفت منظمات اللوبي السوري المعارض في الولايات المتحدة بإقرار مجلس النواب الأميركي، فجر اليوم الخميس، (بعد ظهر الأربعاء بتوقيت واشنطن) مشروع “قانون مناهضة التطبيع مع نظام الأسد” بتأييد كبير من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وما زال أمام مشروع القانون شهور قبل أن يصبح قانوناً نافذاً، بعدما يقتضي إقراره في مجلس النواب تحويله إلى مجلس الشيوخ الأمريكي للمداولات حوله وإقراره أيضاً، قبل أن يوقعه الرئيس الأميركي جو بايدن ليصبح قانوناً.
وقال المسؤول عن التخطيط السياسي في “التحالف الأميركي لأجل سوريا” محمد غانم، في منشور له على “فيسبوك” إن مجلس النواب الأميركي أقرّ مشروع القانون بأغلبيّة ساحقة من الأصوات بلغت 389 صوتاً مقابل 32 معارضاً فقط.
وأضاف غانم: “إن “التحالف الأميركي لأجل سورية” (مظلة لعدة منظمات سورية – أميركية ناشطة في العاصمة واشنطن)، إذ يحدوه الفخر اليوم بهذا الإنجاز السياسي والإنساني الضخم، لا يسعه إلا أن يشكر جميع من استجاب لنداءاته وسانده من أبناء وبنات جاليتنا السورية الأميركية طوال الأشهر الـ13 الماضية التي استغرقها وصولنا إلى هذه اللحظة المفصلية، لا في تاريخ العلاقات الأميركية السورية فحسب، بل في تاريخ جهود المناصرة التي اضطلعت بها الجالية السورية الأميركية منذ العام الأول لانطلاقة الثورة السورية”.
وأوضح غانم أن المنظمة بدأت العمل على مشروع القانون في الشهر الأول من عام 2023 واستمر الدفع يومياً بشكل حثيث حتى ساعة إعلان نتيجة التصويت، مشيراً إلى أنه خلال هذه الفترة أُجري ما “لا يقلّ عن 327 اجتماعاً وزيارة مختلفة لمكاتب الكونغرس، وأرسلنا فيها آلاف الرسائل، وأجرينا مئات الاتصالات”، بما يشمل تجهيز المسوّدة الأصلية، وحشد التأييد من الحزبين، وإجراء مفاوضات كثيرة حول بنود القانون المختلفة، والحيلولة دون شطب بعضها، مروراً بإقراره في لجنة العلاقات الخارجية، ثم التصدّي للحملات المضادّة التي قامت بها بعض الجهات لتشويه صورة القانون وحثّ أعضاء الكونغرس على رفضه.
وتوجه غانم بالشكر لرئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون، وزعيم الأغلبية في المجلس ستيف سكاليس على الاستجابة لطلب طرح مشروع القانون للتصويت قبل حلول الذكرى الثالثة عشرة للثورة السورية الشهر المقبل.
واعتبر أن إقرار مشروع القانون يعدّ “رسالة حازمة للإدارة الأميركية الحالية وجميع الإدارات المستقبلية وللعالم بأسره، بأن الحزبين مُصرّان على تطبيق جميع القوانين النافذة بحقّ نظام الأسد، وأنّهما لن يسمحا بفرضه أمراً واقعاً، وأن الحل الوحيد للخروج بسورية من أزمتها إلى مستقبل أفضل، هو التقاء السوريين على مشروع مشترك بعيداً عن شخص الأسد وإرثه الدموي الذي لا يمكن نسيانه أو غفرانه”.
ولفت غانم إلى أن عدد القوانين التي أُقرَّت في الكونغرس خلال الأشهر الأخيرة قليل جداً بشكل لافت في تاريخ الولايات المتّحدة الحديث، لذا فإنّ توافق الجمهوريين والديمقراطيين على مشروع قانون مناهضة التطبيع مع نظام الأسد وإقراره في هذا الوقت، “دليل لا على استحالة إعادة تأهيل شخص الأسد فحسب، بل وعلى التطوّر الذي يشهده العمل السياسي المنظّم للجالية السورية الأميركية وعلى تنامي قدراتها ونفوذها”.
تشكيك “معارض” حول “الجدوى”
بدوره شكك كاتب سوري معارض في جدوى فرض القانون الجديد. وقال عدنان عبد الرزاق في مقال نشرته صحيفة “العربي الجديد” اللندنية إنه لو تأثر النظام السوري مباشرة فجنح للقرارات الدولية وبدت، لو بارقة أمل، على الاقتصاد أو الشعب السوري، قبل الجنوح بالأحلام “لهللنا لقرار مجلس النواب الأميركي على مشروع مناهضة التطبيع مع النظام السوري”.
وأضاف: “لكن ما نستشفه مما سبق من قرارات وعقوبات وحصار أن هكذا قرارات لن تزيد السوريين إلا فقراً”، ولن تصيب نظام دمشق “بأي ما يمكن التعويل عليه لإسقاط النظام وبدء التحضير لعهد جديد”، بحسب تعبيره.
وتابع عبد الرزاق قائلاً: “ما رشح ووافق عليه مجلس النواب الأميركي، هو طرح نظري مغرٍ، وإن كانت نتائجه بعيدة ومشوبة باحتمالات التعديل من مجلس الشيوخ أو حتى عدم الإقرار، لطالما لحظ ضمن فقراته، سرقة المنظمات الأممية ومساعدات الأمم المتحدة التي تدخل لغايات إنسانية، تتلقفها عصابة “المكتب السري” الذي تديره أسماء الأسد عبر الأمانة السورية للتنمية”.
وأضاف “بنهاية القول، ألا يحق لأي سوري أن يسأل عن أثر العقوبات السابقة على نظام الأسد، مذ دشنها وزراء الخارجية العرب في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2011 بعقوبات اقتصادية وما تلاها من عشرات العقوبات الأوروبية والأميركية؟ وأي حرمان وتفقير طاول الشعب جراء تلك العقوبات التي أخذ منها الأسد وحلفاؤه ذريعة للتجويع ومبرراً حتى لمقايضة ثروات سوريا أو بيعها لحلفاء بقائه على كرسي أبيه، ليستمر الوريث بمشوار الممانعة ومواجهة المؤامرة الكونية”.
وأشار إلى أن الواقع وعلى مدى العقوبات والحصار، من كوبا فكوريا الشمالية وصولاً للعراق والسودان وسوريا يؤكد “أن هذه الطرق لا تسقط أنظمة أو تعيدها لرشدها بالتعاطي مع الشعوب المقهورة، بقدر ما تزيد الشعوب خنوعاً وتسليماً واستكانة”.
وأكد أنه “لو أراد المعاقبون إنصاف الشعوب ومعاقبة الأنظمة لوجدوا أساليب أخرى، أكثر جدوى وأقل ضرراً، أو، أضعف الإيمان، لما مدوا الأنظمة المستبدة بطرائق البقاء غير الشرعي وقايضوا الجرائم، كما فعل الرئيس باراك أوباما مع جريمة كيماوي الغوطة، بصفقات وتمرير مصالح”.
وختم عبد الرزاق مقاله بالقول: “بيد أنه وللأسف، ليس للسوريين اليتامى إلا التهليل لمشروع القانون العتيد والتعويل عليه، علّ تراكم العقوبات وزيادة القوانين يلجم المطبعين العرب مع الأسد، أو أن تتضارب المصالح للمحتلين على الأرض، فتسعف التسويات السوريين المنتظرين، ولو بشبه إنصاف، ليبدأوا بعد زوال صفر سوريا ببناء حلمهم بدولة وعيش آدمي، يبعدهم عن حدود الدول التي ضاقت بلجوئهم بعد شهور العسل وانخفاض حرارة تأييد حقوق الشعوب”، على حد تعبيره.
مضمون مشروع القانون الأميركي لمناهضة التطبيع
ويقضي مشروع القانون بأن “سياسة الولايات المتحدة تحظر أي إجراء رسمي للاعتراف أو تطبيع العلاقات مع أي حكومة سورية يقودها بشار الأسد”، مستشهدة بجرائم النظام ضد الشعب السوري.
كذلك يقضي بأن تعارض واشنطن اعتراف أي حكومة أخرى أو تطبيع العلاقات مع نظام الأسد من خلال التطبيق الكامل للعقوبات المنصوص عليها في “قانون قيصر لحماية المدنيين في سورية لعام 2019” والأمر التنفيذي رقم 13894، الذي يتضمن حجب ممتلكات ودخول بعض الأفراد المتورطين في سوريا.
ويسعى مشروع القانون للاستفادة من جميع السلطات المتاحة لردع جهود إعادة الإعمار في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الرئيس بشار الأسد، ويحظر على أي مسؤول أو موظف فيدرالي اتخاذ إجراءات أو تخصيص أموال تشير ضمنًا إلى اعتراف الولايات المتحدة بالرئيس السوري أو حكومته.
ولكي يصبح مشروع القرار نافذًا، يجب أن يقرّه الكونغرس (مجلس النواب ومجلس الشيوخ)، ثم يحوَّل إلى مكتب الرئيس الأميركي جو بايدن ليوقعه كمرحلة نهائية.
سوريا اليوم. أخبار سوريا. أخبار سوريا اليوم. سورية اليوم. أخبار سورية. أخبار سورية اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم سوريا. أخبار اليوم سورية.