الجمعة 16 شباط/فبراير 2024
سوريا اليوم – دمشق
يتهامس السوريون في مجالسهم حول “المكتب السري” أو “المكتب الاقتصادي” في القصر الجمهوري بدمشق، الذي تدور حوله الأقاويل والحكايات، مع استمرار رحيل تجار سوريين تم استهدافهم بالإتاوات التي تأخذ شكل “الغرامات”.
وبحسب تحقيق نشرته وكالة “نورث برس” المحلية السورية (معارضة) فإن “المكتب السري” يتبع السيدة الأولى أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، ويُدار هذا المكتب بشكل مباشر من مكتب القصر الجمهوري التابع لها.
وللمكتب عدة أقسام: “الأول، قسم الرصد المالي، وهو مختص بالبحث عن مدخولات التجار الذين يملكون شركات ومعامل ومحطات وقود وغيرها، ويبحث بشكل سري عن كمية الأموال لديهم. ويديره العقيد علي شاليش”.
والقسم الثاني هو المتابعة، ويختص بمتابعة عمل القسم الأول وأرشفة أسماء التجار أو الذين هم هدف للمكتب السري ويتم تجهيزها بمصنف وإرسالها إلى المكتب العام.
بينما القسم الثالث هو المالي، ومهمته تحديد قيمة الغرامة، بعد أن يتم دراسة وضع التاجر إذا كان يملك هكذا مبلغ، ويتم تحديدها وإرسالها للمكتب العام.
وتكون مهمة القسم الرابع، الأمني، التواصل بين القصر الجمهوري والفرع الأمني 251 (المعروف باسم فرع الخطيب).
وتبدأ العملية بأن يقوم المكتب السري بدراسة وضع التاجر الوارد اسمه، ومعرفة إمكانياته المادية ومن ثم يتم تحديد المبلغ بعد اطلاع السيدة الأولى عليه عبر ذراعها، يسار إبراهيم، الذي يدير المكتب بشكل كامل.
ومن ثم يقوم بإرسال ورقة إلى فرع الخطيب، وحصراً ليد اللواء أحمد ديب، تنص على ضرورة جلب هذا التاجر وفرض غرامة مالية عليه، بطريقة قانونية تحت مسمى “مخالفة وضرائب وإعادة إعمار ومساهمة بالبناء وغيرها من الغرامات المصطنعة”.
وهنا يتم توجيه دورية إلى التاجر من قبل فرع الخطيب، أو كما يسمى “الفرع الداخلي”، تقتضي بضرورة دفع المبلغ مع مهلة له.
وفي حال تم التأخير يتم جلبه إلى الفرع، ووضعه في غرفة جيدة مؤمّن بها كل وسائل الاتصال لكي يقوم بتأمين المبلغ عبر شركائه أو أقاربه.
وما يثير التساؤل، هو أن “المكتب السري” ليس له أي صفة قانونية، ولذلك يخافه السوريون الذي يرونه مجرد “مكتب أمني لفرض إتاوات على التجار الكبار ومتوسطي الدخل”.
ويدير المكتب ضباط يعتبرون واجهة فقط، وهم: اللواء أحمد ديب، العقيد محمد غانم، العميد خليل الملا سابقاً، العميد عبد المنعم نعسان حالياً، العقيد علي مرهج، فارس كلاس بين حلب ودمشق.
والقصر الجمهوري في دمشق هو المركز الرئيسي للمكتب، وفرع الخطيب هو المركز الثاني، وإدارة أمن الدولة في كفرسوسة هو المركز الثالث ومهمته التوجيه فقط. وفي حلب، يقع المكتب السري داخل فرع أمن الدولة، والمركز الثاني هو فيلا على طريق خان العسل – كفرناها.
ويتم اختيار التجار الذين يترتب عليهم دفع المبالغ، عن طريق قسم خاص بالدراسات والمعلومات في فرع الخطيب. ويقوم هذا القسم بإجراء دراسة عن التجار الذين يستوردون بضائع من الخارج كون أسمائهم جميعها لدى هذا الفرع (ينسق مباشرة مع المعابر الرسمية وغير الرسمية لمعرفة حجم الاستيراد).
كما يعرف هذا القسم التجار الذين يملكون معامل ومصانع إضافة لمحطات وقود وشركات عقارية ومعامل أخرى.
ومن الأمثلة على عمل القسم، بحسب مصدر في حلب نقلت عنه “نورث برس”، أنه في حال وُجد في حلب صاحب كازية (محطة وقود) يتمتع بدخل مالي جيد، يقوم فرع أمن الدولة في المدينة، برفع تقرير إلى فرع الخطيب بأن الكازية أعمالها جيدة ودخلها المادي كبير.
ويكون الفرع على علم مسبق بكمية الوقود التي تدخل إلى كل كازية على اعتبار أنه المشرف على مادة الوقود الداخلة إلى سوريا من الخارج أو من مناطق أخرى خارج سيطرة الحكومة (كشمال شرق سوريا).
وهنا يقوم فرع الخطيب بعد تلقيه هذه المعلومة بتشكيل دورية تتوجه إلى صاحب الكازية، وتخبره أن “عليك مبلغ مليار ليرة سوري يجب دفعها بمهلة 72 ساعة أو أسبوع” مثلاً.
لمن تعود الغرامات؟
عن طريق هذا المكتب، تتحكم السيدة الأولى، بمفاصل الاقتصاد في سوريا عبر نفوذ أمنيّ بحت، بحيث تصل سطوة المكتب إلى جميع التجار والصناعيين، وتأخذ منهم إتاوات ضخمة مقابل السماح لهم بمواصلة النشاط الاقتصادي في ظروف الحرب.
ومن لا يقبل من التجار دفع الإتاوات، فإنه يخضع للتهديد وقد يصل الأمر إلى اعتقاله، ما دفع كثيراً من التجار في حلب ودمشق ومناطق أخرى إلى الفرار من البلاد.
وتوضع (الإتاوات) أو الغرامات التي يتم جمعها في المكتب، في أكياس مغلقة، وترسل حصراً إلى “المكتب السري” الاقتصادي في القصر وتسلم إلى موظفين يعملون تحت إمرة يسار إبراهيم، بحسب تقرير الوكالة.
ويسار إبراهيم، من مواليد 1982 (اللاذقية)، والده كان مقرباً من الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، ويمتلك شركة إسمنت تدعى “الشركة المركزية للإسمنت”، وشركة أخرى “البرج”، وتعمل في مجال السياحة، إضافة لمقالع حجرية ويعمل في الفحم.
وتقول الوكالة إن صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، ذكرت في تحقيق مفصّل أن هذا المكتب الذي تقوده أسماء الأسد من داخل القصر الرئاسي يتولى مهمة “الهيمنة والتحكم باقتصاد سوريا، لإثراء عائلة الأسد وتمكين نفوذها إلى جانب تأمين التمويل لعمليات النظام السوري”.
سوريا اليوم. أخبار سوريا. أخبار سوريا اليوم. سورية اليوم. أخبار سورية. أخبار سورية اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم سوريا. أخبار اليوم سورية.