الجمعة 17 أيار/مايو 2024
سوريا اليوم – دمشق
شُغل السوريون في الساعات الأربع والعشرين الماضية بتحليل سر “غياب” الرئيس السوري بشار الأسد عن مشهد المتحدثين في القمة العربية بالبحرين أمس الخميس، بالرغم من “حضوره” القمة إلى جانب الزعماء العرب.
وللمرة الأولى في تاريخه، لم يُلقِ الأسد كلمة في قمة يحضرها، وهو الذي اعتاد أن يتحدث بإسهاب غالباً في القمم العربية والإسلامية التي يشارك فيها.
وكانت سوريا استأنفت حضور اجتماعات جامعة الدول العربية على مستوى القمة، في قمة جدة بالسعودية في شهر أيار/مايو من العام الماضي (2023)، بعد انقطاع عن حضور القمم العربية، إذ لم تُدعَ إليها منذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، حين فرضت الجامعة عقوبات على حكومة دمشق بسبب قمع المتظاهرين السلميين في الثورة السورية المطالبين بالتغيير الديمقراطي.
ومنذ صباح أمس، أعلنت وكالة الأنباء السورية الحكومية (سانا) عن مشاركة الأسد في القمة العربية، وهو الأمر الذي أكده برنامج الجلسة الافتتاحية للقمة الذي وزعته الأمانة العامة للجامعة.
إلا أن الوكالة قالت في الخبر نفسه إن “الرئيس الأسد لن يلقي كلمة خلال القمة التي تناقش عدداً من القضايا التي كان سيادته حدد مواقف واضحة تجاهها ومن مختلف القضايا العربية بما فيها العروبة والقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي وإصلاح الجامعة العربية”.
وابتدأت القمة العربية بثلاث كلمات افتتاحية، لكل من: الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء عن السعودية رئيسة القمة السابقة (الدورة العادية 32)، ثم الملك حمد بن عيسى آل خليفة عن البحرين رئيسة القمة الحالية (الدورة العادية 33)، ثم الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط.
وتلت الكلمات الافتتاحية ثلاث كلمات أخرى لكل من أنطونيو غوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة، وموسى فكي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، وحسين إبراهيم طه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي.
وبحسب البرنامج الأصلي فقد حُجزت كلمة للرئيس السوري كخامس المتحدثين بين القادة العرب، بعد كل من كلمات الأردن ومصر وفلسطين وموريتانيا. وحددت الأمانة العامة للجامعة مدة كل كلمة من كلمات الرؤساء العرب بـ3 دقائق.
ولوحظ أن الأسد لم يكن بين ثلة من الزعماء العرب الذين دخلوا معاً إلى قصر الصخير في المنامة حيث تنعقد القمة، يتقدمهم العاهل البحريني وولي العهد السعودي، بينما اصطف بعض الأطفال على جانبي الممر يلقون على القادة وروداً ويهتفون مرحبين بهم.
تساؤلات دون إجابات
وتساءل السوريون عن سر هذا “الغياب” الملفت للأسد رغم حضوره الجلسة، ولماذا لم يُلقِ كلمته كان مقرراً؟ وهل كان الاستنكاف قراراً سورياً أم رغبة من دول عربية لديها اعتراضات على سياسات دمشق خلال السنة التي انصرمت منذ عودتها إلى الجامعة العربية وحضورها قمة جدة؟
وأثيرت تساؤلات أخرى أيضاً، من قبيل هل كان الرئيس السوري يحتج على تحديد الكلمات بـ3 دقائق فقط؟ أم أن الحضور دون إلقاء كلمة في قمة سيطر عليها الملف الفلسطيني، مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ سبعة شهور، حيث كان يُنتظر من سوريا موقفاً قوياً ضد العدوان، إنما هو رسالة سورية متعددة الاتجاهات، تكرّس الغياب السوري الحكومي اللافت عن التفاعل مع المعاناة الفلسطينية منذ بدأت حرب غزة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي؟
ويُعتقد أن دمشق تسعى لتسوية عدد من الملفات العالقة بينها وبين الدول العربية، وكذلك مع المحور الأوروبي – الأمريكي، حيث تتباطأ الإجراءات العقابية الأمريكية بحق الحكومة السورية مؤخراً، وسط تكهنات عن مفاوضات تجري وراء الستار من أجل تخفيف الضغوط عن النظام السوري الخاضع لعقوبات منذ 13 عاماً.
وفي ظل هذا السلوك السوري، أعلن الصحفي السوري المعارض أيمن عبد النور أمس الخميس عبر حسابه في “فيسبوك” أن ما سماه “بركات مؤتمر بروكسل 8” للمانحين، بدأت بالظهور، حيث قام مدير المديرية العامة لعمليات المساعدات الإنسانية في الاتحاد الأوروبي ماسيج بوبوفسكي بزيارة العاصمة السورية دمشق، حيث التقى مع الفريق القطري الإنساني من أجل ضمان استمرار الدعم لشعب سوريا مؤكداً: “نحن بحاجة للتأكد من أن سوريا تظل في دائرة الضوء”.
وتعد هذه المديرية هي واحدة من أكبر الجهات المانحة التي تقدم المساعدة المنقذة للحياة وتساعد السوريين أصحاب الحاجة.
وأكد عبد النور في منشور آخر أن هناك “ملامح تبين أن المجتمع الدولي اتخذ قراره بنفض يده وتحميل السوريين مهمة إيجاد الحل للكارثة التي يعيشونها”، مشيراً إلى ما نشره حساب سفارة الولايات المتحدة إلى سوريا على منصة إكس وجاء فيه ما يلي: “تقديراً للنسيج الغني للثقافات والأديان والتاريخ الذي تعايش في سوريا على مر القرون، تشجع الولايات المتحدة جميع الأطراف في سوريا على وضع الظروف اللازمة للعودة إلى التعايش السلمي واحترام التنوع وحقوق الإنسان”.
كما أشار الصحفي السوري إلى قول غوتيرش خلال كلمته في القمة العربية أمس: “أدعو الفرقاء السوريين للحوار سعياً لحل الأزمة السورية”.
ولوحظ أن الرئيس السوري بشار الأسد عقد لقاءات ثنائية مع عدد من القادة العرب، بينهم الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء، والرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد الذي أعلن أن بلاده ستستضيف القمة العربية المقبلة، بعد “تنازل” سوريا عن استضافتها.
سوريا في البيان الختامي لقمة البحرين
وكان البيان الختامي للقمة العربية في دورتها العادية الثالثة والثلاثين أمس الخميس، وسُمي “إعلان البحرين”، قال: “نؤكد من جديد على ضرورة إنهاء الأزمة السورية، بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وبما يحفظ أمن سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها، ويحقق طموحات شعبها، ويخلصها من الارهاب، ويوفر البيئة الكفيلة بالعودة الكريمة والآمنة والطوعية للاجئين. ونرفض التدخل في شؤون سوريا الداخلية، وأي محاولات لإحداث تغييرات ديموغرافية فيها”.
وأضاف البيان: “نؤكد أهمية دور لجنة الاتصال العربية والمبادرة العربية لحل الأزمة وضرورة تنفيذ بيان عمّان. كما ندعم جهود الأمم المتحدة في هذا السياق. ونؤكد ضرورة ايجاد الظروف الكفيلة بتحقيق العودة الكريمة والآمنة والطوعية للاجئين السوريين إلى بلدهم، بما في ذلك رفع التدابير القسرية الأحادية المفروضة على سورية، وضرورة استمرار المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته إزاءهم ودعم الدول المستضيفة إلى حين تحقيق عودتهم الكريمة والآمنة والطوعية إلى سورية، وفقاً للمعايير الدولية. ونحذر من تداعيات تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين وللدول المستضيفة لهم”.
ودعا بيان قمة البحرين “المجتمع الدولي إلى الوفاء بالتزاماته القانونية واتخاذ اجراءات حاسمة لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية المحتلة في يونيو عام 1967م، بما في ذلك الجولان السوري المحتل وجنوب لبنان، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
كما أكد البيان أن “الامن المائي العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، خاصة لكل من جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان، والتشديد على رفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوقهما في مياه النيل، وكذلك بالنسبة للجمهورية العربية السورية، وجمهورية العراق فيما يخص نهري دجلة والفرات، والتضامن معهم في اتخاذ ما يرونه من إجراءات لحماية أمنهم ومصالحهم المائية، معربين عن القلق البالغ من الاستمرار في الإجراءات الأحادية التي من شأنها الحاق ضرر بمصالحهم المائية”.
وقال البيان أيضاً: “نجدد رفضنا الكامل وبشدة لأي دعم للجماعات المسلحة أو الميليشيات التي تعمل خارج نطاق سيادة الدول وتتبع أو تنفذ أجندات خارجية تتعارض مع المصالح العليا للدول العربية، مع التأكيد على التضامن مع كافة الدول العربية في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها وحماية مؤسساتها الوطنية ضد أية محاولات خارجية للاعتداء، أو فرض النفوذ، أو تقويض السيادة، أو المساس بالمصالح العربية”.
سوريا اليوم. أخبار سوريا. أخبار سوريا اليوم. سورية اليوم. أخبار سورية. أخبار سورية اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم سوريا. أخبار اليوم سورية.