الأربعاء 25 أيلول/سبتمبر 2024
سوريا اليوم – دمشق
دعا الرئيس السوري بشار الأسد أعضاء الحكومة السورية التي أُعلن عنها أول أمس الاثنين برئاسة محمد غازي الجلالي، إلى خفض سقف التوقعات، وأن لا يخلطوا بين الممكن والمأمول، وأن يتجنبوا تقديم الوعود غير القابلة للتنفيذ.
وخلال ترؤسه الاجتماع الأول للحكومة الجديدة أمس الثلاثاء، بعد أداء الحكومة اليمين الدستورية أمامه، اعتبر الأسد أن تصريحات وتوقعات الحكومة ترفع الآمال، لكن النتائج تكون المزيد من الإحباط، مضيفاً: “أول طريق لنسهل عمل الحكومة في هذه الظروف الصعبة هو أن تكون هذه الحكومة حكومة الواقع لا حكومة الأحلام، لا أحد يريد سراباً”، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السورية الحكومية (سانا).
وأشار إلى أن المسؤول والمواطن يقضيان سنوات “يلهثان خلف تحقيق تلك الوعود من دون القدرة على تحقيقها”، ما يعرضه للمزيد من النقد، مضيفاً: “أحياناً نخلط بين الممكن والمأمول، ولدينا الكثير من الآمال نستطيع أن نضعها في أي مكان ماعدا السياسات والخطط، هنا لا توجد آمال، توجد حقائق ووقائع”.
كما أكد الأسد، أن الانفتاح السياسي من الدول الأخرى على دمشق وتطبيع العلاقات معها لن يحسن اقتصاد البلاد، كونه بطبيعته لم يكن قائماً على الاستثمارات الخارجية، وأن مشكلة سوريا تكمن في سوء الإدارة.
وقال للوزراء: “لا نستطيع أن نعول كثيراً على ما يسميه البعض الانفتاح على سوريا، فالانفتاح ذو الطابع السياسي لن يقوم بحمل الاقتصاد، ليس بسبب الظروف السياسية أو الحصار أو الخوف من العقوبات الغربية”.
وأضاف: “لو عدنا إلى مرحلة ما قبل الحرب، نجد أن حجم الاستثمارات الأجنبية في سوريا كان محدوداً جداً، يعني بالأساس لم يُبنَ الاقتصاد السوري في أحسن الظروف على الاستثمارات الأجنبية، فهناك نوع من الوهم بهذا الإطار”.
وأقر بأن المشكلة ليست بالحرب أو “الموارد المحدودة”، إنما هي بسوء الإدارة، قائلاً: “عندما يكون لدينا سوء بالإدارة، فسيكون لدينا سوء في إدارة كل القطاعات، وأنا أقول المشكلة أحياناً ليست في عدم وجود موارد، وإنما أحياناً في سوء توزيع الموارد على قطاعات المجتمع والمواطنين”.
يُذكر أن الرئيس السوري صدّق، يوم الاثنين الفائت، على التشكيلة الحكومية الجديدة برئاسة محمد غازي الجلالي، من دون أن تحمل تلك الحكومة أي تغييرات جوهرية، إذ حافظ العديد من الوزراء على مناصبهم، في حين جرى تبادل المناصب بين قسم آخر، وهو ما رأى فيه السوريون أنه مجرد واجهة لتبرير الأزمات المتتالية التي تعيشها البلاد.
شعبان: لا تقدم مع تركيا
من جانبها، اعتبرت المستشارة الخاصة للرئيس السوري، بثينة شعبان، أن تركيا تستخدم مسألة التطبيع مع دمشق لتحقيق مكاسب سياسية خاصة، وجددت التأكيد على أن التقارب مع أنقرة مرهون بسحب قواتها من سوريا.
وقالت شعبان خلال محاضرة ألقتها في وزارة الخارجية العُمانية إن تركيا تستخدم إعلامياً مسألة التقارب مع النظام لمصلحتها، مضيفة أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عندما تحدث العام الماضي عن رغبته بذلك قبل الانتخابات الرئاسية كان لـ”أهداف انتخابية”، بحسب ما نقل موقع تلفزيون سوريا (معارض) اليوم الخميس.
وأضافت: “لا يوجد أي شيء يريد الأتراك تقديمه، هم يريدون أن يحافظوا على ما يقومون به على الأرض، وأن يحتلوا أرضنا ويعيثوا فيها فساداً، وأن يضربوا الأكراد، وأن نكون نحن معهم أصدقاء، وهذا لا يستقيم”.
كذلك اتهمت شعبان تركيا بأنها “تحتل جزءاً من الشمال الغربي لسوريا، وتقوم بعمليات تتريك خطيرة ولئيمة”.
وأشارت إلى أن بشار الأسد طلب في وقت سابق من تركيا “الإقرار بمبدأ الانسحاب”، مضيفة: “لم نقل إن عليهم الانسحاب فوراً، وعندما لا يريدون الإقرار بمبدأ الانسحاب، فإننا لن نجلس على الطاولة”.
وخلال حديثها، جددت شعبان التأكيد على موقفها بأن ما تطرحه تركيا في الإعلام بخصوص التقارب مع النظام “هو تضليل إعلامي يستخدمه أردوغان لكي يحقق مكاسب داخلية أو مكاسب في المنطقة أو مكاسب مع الناتو”.
والتقت شعبان في مسقط أمس الثلاثاء نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء العُماني فهد بن محمود آل سعيد، وفقاً لما نقلت صحيفة “الوطن” السورية شبه الحكومية (موالية)
تطبيع أنقرة مع دمشق
أعلنت تركيا خلال الأشهر الماضية، على لسان العديد من كبار مسؤوليها، عزمها على تطبيع العلاقات مع النظام، وذلك بهدف إيجاد حلول مشتركة لوجود “حزب العمال الكردستاني – PKK” شمال شرقي سوريا، وإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وكانت آخر التصريحات التركية في هذا السياق، على لسان الرئيس أردوغان الذي قال يوم السبت الفائت إنه أبدى رغبته في لقاء بشار الأسد من أجل تطبيع العلاقات، مشيراً إلى أن أنقرة تنتظر الآن رد الجانب الآخر، وفقاً لما أوردته وكالة “الأناضول”.
وأضاف أردوغان: “كبلدين مسلمين، نريد أن يكون هناك تضامن ووحدة في أقرب وقت ممكن، وأعتقد أن مثل هذا الاجتماع سيفضي إلى مرحلة جديدة في علاقات البلدين”.
يشار إلى أن التصريحات التركية كانت تقابل بشروط مسبقة من قبل النظام، الذي يتمسك بشرط انسحاب تركيا من سوريا ورهن نجاح مسألة التطبيع بذلك.