السبت 20 آذار/مارس 2021
سوريا اليوم – القامشلي
يقول نازحون في المخيمات العشوائية بأرياف مدينة الرقة، إن الانهيار الحاد والمستمر لقيمة الليرة السورية يفاقم الوضع المعيشي سوءاً، في ظل عدم كفاية المساعدات الغذائية المقدمة من المنظمات العاملة في المنطقة والجمعيات المحلية.
وبحسب تقرير لوكالة نورث برس من الرقة اليوم السبت أعده مراسلها أحمد الحسن، ينتشر في أرياف الرقة نحو 62 مخيماً عشوائياً، وتتركز معظمها في الريف الشمالي للمدينة ويسكنها نازحون من مختلف المدن السورية.
لا فرص عمل
وأوضح التقرير أن سعر صرف الدولار الأميركي الواحد في الرقة تجاوز خلال الأيام القليلة الماضية 3700 ليرة سورية.
وقال عبد الرحمن العايد (45 عاماً) وهو نازح من مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي ويسكن في مخيم الحتاش 20 كم شمال الرقة، إن عدم توفر فرص عمل تزيد من وضعهم سوءاً، “جميعنا عاطلين عن العمل في ظل هذا الغلاء.”
ويتملك النازح خبرة في مجال الحدادة وهي مهنته التي كان يزاولها في مدينته قبل نزوحه، “لكني بحثت عن عمل في جميع المحال الصناعية في المنطقة دون فائدة.”
وأشار “العايد” إلى أن بعض أصحاب محال الحدادة وبسبب ضغط العمل لديهم يستقبلونه أحياناً ليعمل ليوم أو يومين بأجر يومي لا يزيد عن خمسة آلاف ليرة سورية.
ويبلغ التعداد السكاني لمخيم الحتاش 150 عائلة، فيما يعتبر مخيمي الحكومية وحزيمة المجاورين لمخيم الحتاش من أكبر المخيمات العشوائية في ريف الرقة ويسكنها أكثر من 800 عائلة، بحسب مكتب الإحصاء التابع لمجلس الرقة المدني.
وفي هذه الأثناء يعتمد معظم نازحي المخيمات العشوائية على ما يجمعونه من مكبات النفايات القريبة من خيامهم، لتأمين قوتهم اليومي.
ويقوم هؤلاء النازحون بنبش القمامة ومن ثم فرز المخلفات البلاستيكية الملوثة عن القطع المعدنية الصدئة، حيث يبيعون المعادن ويستخدمون النايلون في طهي الطعام.
دعم غير كافي
ويجد “العايد” صعوبة في تأمين المستلزمات الأساسية لعائلته من الزيت والخضار والفواكه واللحوم، “ثمن المواد الغذائية بات باهظاً جداً ولا نقوى على شرائها، هناك مواد بات وجودها على موائدنا حلماً.”
وبحسب نازحين في مخيم الحتاش فإن دعم المنظمات العاملة في المنطقة كتقديم مواد غذائية ومنظفات وخبز، “غير كافي وغير منتظم.”
وتُستهدف معظم المخيمات العشوائية في ريف الرقة من قبل المنظمات الإنسانية المرخصة في مجلس الرقة المدني كمنظمة كونسيرن التي تقدم (كرت المول وكرت كاش) لمعظم نازحي المخيمات ومنها مخيم الحتاش، ومنظمة (CHf) التي تقدم مادة الخبز في معظم المخيمات.
بالإضافة إلى الجمعيات المحلية كجمعية المودة المختصة بتقديم السلل الغذائية ومنظمات أخرى تعمل في قطاعات مختلفة كتأمين مياه الشرب والمنظفات والأثاث المنزلي وغيرها.
لكن تقديم تلك الكروت تتم بالاعتماد على دفتر العائلة الذي لا يمتلكه بعض النازحين، فمنهم تركه في منزله أثناء رحلة نزوحه، كما أن البعض منهم لم يستطع الحصول عليه بعد الزواج وذلك لصعوبات السفر إلى المناطق الحكومية.
وبحسب نازحي مخيم الحتاش فإن منظمة كونسيرن استهدفت كل عائلة تمتلك “دفتر العائلة” بكرت مول بقيمة 60 دولار مطلع كانون الثاني/ يناير الفائت، والتي تم صرفها لشراء المواد الغذائية، بالإضافة إلى كرت كاش بقيمة 120 دولار من الشهر ذاته.
ومنذ ذلك الحين، لم يحصل النازحون في المخيم على مساعدات من قبل المنظمات، بحسب قولهم.
أسعار مرتفعة
وتشهد أسواق الرقة أسوة بباقي أسواق المدن السورية ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد وخاصة المستوردة نتيجة انهيار قيمة الليرة، حيث بلغ ثمن الكيلوغرام من السكر 2900 ليرة، فيما بلغ ثمن الكيلوغرام من الشاي 33 ألف.
ويباع الكيلوغرام من الرز بـ3000 ليرة، فيما وصل سعر لتر الزيت النباتي لـ8500 ليرة سورية.
وقال محمود عبد الرزاق (54عاماً) وهو نازح من بلدة سبيخان بريف دير الزور الشرقي ويسكن في مخيم الحتاش مع عائلته المكونة من 12 شخصاً، “نذهب إلى المحلات ونعود دون أن نشتري شيئاً بسبب غلاء الأسعار.”
وكان “عبد الرزاق” يعمل في بلدته نجاراً ولكن لم يستطع أن يزاول مهنته بعد نزوحه، لعدم قدرته على شراء المعدات الخاصة “لا مهنة لي سوى النجارة والتي تدمرت معداتها مع منزلي ولم أعد أستطيع شراء أخرى.”
وأشار “عبد الرزاق” إلى أن بعض المواد الغذائية الأساسية كالشاي والرز واللحم، بات أولاده يعتادون على عدم وجودها في قائمة أطعمتهم.
ورأى أنه على القائمين على المنظمات والجهات الرسمية في مجلس الرقة المدني “إيلاء نازحي المخيمات اهتماماً أكبر خلال هذه الفترة فمعظمنا عاطل عن العمل ولا نملك حتى ثمن الخبز لأطفالنا.”
لكن سامر الناشف رئيس مكتب المنظمات التابع للجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في مجلس الرقة المدني، قال إن “المكتب يعمل على مناقشة مشاريع لتوجيه الدعم بشكل أكبر للمخيمات في الشمال السوري بشكل عام وللمخيمات في مدينة الرقة بشكل خاص وخاصة بعد موجة الغلاء التي تشهدها المنطقة.”
وأشار في تصريح صوتي لنورث برس إلى أن معظم الجهات المانحة “تعهدت باستمرار الدعم للمخيمات خلال العام الجاري، “مع وجود وعود من بعض الجهات بزيادة الدعم واستهداف أكبر عدد ممكن من النازحين في الرقة.”