السبت 17 نيسان/أبريل 2021
سوريا اليوم – دمشق
يترقب سكان وصناعيون في منطقة القابون في العاصمة دمشق تفاصيل المخطط التنظيمي لمنشآتهم ومساكنهم، والذي تفيد مصادر بقرب إعلانه من قبل الحكومة، رغم اعتراض أصحاب العقارات على مخططات حكومية سابقة واتهامهم لمجلس المحافظة والحكومة بمحاولة الاستيلاء على ممتلكات خاصة.
وقال مصدر في محافظة دمشق إنَّ المخطط التنظيمي النهائي لمنطقة القابون أصبح في رئاسة مجلس الوزراء بانتظار صدوره بعد التصديق عليه ليتم العمل في المنطقة بمقتضاه، بحسب ما جاء في تقرير آرام عبد الله الذي نشرته وكالة نورث برس
وأضاف أن المخططين التنظيميين للقابون السكني والصناعي، تم تحويلهما إلى منطقة سكنية تجارية، “55%من مقاسم المشروع سكنية، و36% للمشاريع الاستثمارية، وأكثر من 12% من المقاسم للخدمات التربوية والتعليمية.”
ويشمل مخطط القابون منطقتي (أ وب)، السكني منطقة تصل مساحتها إلى 215 هكتاراً، بينما المساحة العائدة للقابون الصناعي 150 هكتاراً.
وفي تصريحات صحفية سابقة، قال إبراهيم دياب، مدير التنظيم والتخطيط العمراني في محافظة دمشق، إنَّ إجراءات التنظيم تمت وفق القانون رقم 10 المعدل للمرسوم 66، “ويعطي سكان المنطقة الحرية في اختيار حصصهم السهمية بين البناء السكني والتجاري.”
أزمة لسنوات
ومازال صناعيون وسكان في القابون “ينتظرون حلاً، بعد رفضهم لمحاولات الحكومة الاستيلاء على ممتلكاتهم”، على حد قول أحد الصناعيين.
وتعود أزمة القابون إلى العام 2018 بعد سيطرة القوات الحكومية على المنطقة، إذ زارها وفد حكومي برئاسة رئيس الحكومة السابق عماد خميس، وقدم وعوداَ للصناعيين بأنَّ التنظيم لا يشمل المنطقة الصناعية، ولا سيما أنَّها مرخصة ومصانة دستورياً ، بل إنَّ التنظيم يتعلق بالمناطق العشوائية فقط.
وعلى هذا الأساس بدأ عددٌ من صناعيي القابون بأعمال ترحيلِ المخلّفات وتنظيف منشآتهم وترميمها وإكسائها، بالإضافة لشراء وإصلاح الآلات.
لكن هؤلاء الصناعيين فوجئوا بعد شهرين من زيارة “خميس” بقرار الحكومة إيقاف جميع أعمال تأهيل البنى التحتية في منطقة القابون الصناعية، ووقف منح رخص الترميم للمباني العامة والخاصة، وكذلك إخلاءُ جميع المنشآت الصناعية.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2018، جاء الإعلان عن المخطط التنظيمي لمنطقة القابون ضمن خطة وضعها مجلس المحافظة لتنظيم مناطق السكن العشوائي المحيطة بمدينة دمشق دون وضع مواعيد محددة لتنفيذ أي من هذه المناطق بعد إعداد مخططاتها.
فيما بعد سحب المخطط التنظيمي للقابون، ولم يصدق عليه من قبل وزارة الأشغال العامة ولا من قبل رئاسة الحكومة نتيجة الاعتراضات عليه.
وفي حزيران/ يونيو عام 2020، وافق مجلس محافظة دمشق، في جلسة استثنائية، على إعلان المخطط التنظيمي التفصيلي لمنطقة القابون الصناعي، إلا أنه عاد وسحب المخطط لاعتراض أكثر من 2.800 شخص من سكان وصناعيي القابون عليه.
عقارات مرخصة
وقال صناعي من منطقة القابون، لنورث برس، إنَّ أغلب المصانع تشغل عقارات مرخصة بشكل نظامي ” طابو أخضر “، وإن “لديها تراخيص صناعية وتجارية منذ عشرات السنين، وتقدر أثمانها بمليارات الليرات.”
ورأى أنَّ طلب الحكومة نقلها من أجل إقامة مشاريع تجارية وسكنية على أنقاضها “أمر مخالف للقانون، والدستور الذي يضمن حماية الملكية الخاصة.”
ويبلغ عدد المصانع التي بدأت العمل بعد ترميمها خلال العامين الماضيين نحو 400 مصنع من أصل 750 مصنعاً في إطار الصناعات المتوسطة والصغيرة.
وبدأت تلك المصانع إنتاج سلع نسيجية بمختلفِ أنواعها، وأخرى بلاستيكية ومدافئ وسخاناتٍ وسلعٍ أخرى.
وتحت ذريعة أنَّ نسبة الدمار فيها جراء الحرب قد بلغت نحو 80%، قررت الحكومة تحويل القابون الصناعية إلى منطقة سكنية وتجارية، تحت غطاء القانون 10 الذي يجيز للوحدات الإدارية تنظيم مناطقَ مدمرةٍ بهذه النسبة.
إلا أنَّ الصناعيين كلَّفوا لجنةً من نقابة المهندسين لفحص نسبة الأضرار، وأصدرت تقريراً مصدقاً من وزارة العدل أكدت فيه أنَّ نسبة الدمار لا تتجاوز الـ 20%.
وأعلن بعدها رئيس لجنة القابون الصناعية عاطف طيفور، في تصريحات صحفية، أنَّ المنشآت الصناعية تحتاج إلى عمليات ترميم بسيطة.
“تسهيلات وهمية”
عرضت محافظة دمشق على صناعيي القابون نقل مصانعهم إلى عدرا، مقابل وعود بتقديم تسهيلات لهم.
لكن عدداً من صناعيي القابون قالوا، لنورث برس، إن تلك التسهيلات “وهمية بهدف حمل الصناعيين على التوقيع على تعهدات بالانتقالِ إلى مدينة عدرا التي لا تحوي أبنية بالأساس بل مجرد أرضٍ بورٍ معدة للبناء.”
وقال محام مطلع، يقيم في دمشق، إنّ هناك شروطاً لنقل هذه المصانع، “من أبرزها تقديم الدعم لمالكيها لينجزوا نقلها دون كلفة زائدة تؤدي إلى إغلاقها.”
وأضاف: “المشكلة في سوريا هي أنَّهُ لا يوجد تنظيم للقطاع الصناعي، والمدن الصناعية كلفتها كبيرة بالنسبة لصناعيي هذه الشركات، وهو ما لا قدرة لهم عليه.”
ورفض أصحاب المعامل الـ 750 إعطاء أيّ تعهدٍ للإخلاء مهما كانت صيغته، محذرين الجهات الحكومية من محاولة ممارسة أيّ ضغوط على أيّ صناعيّ بشكلٍ فردي للحصول على توقيعه بالإخلاء.