الاثنين 10 أيار/مايو 2021
سوريا اليوم – إستانبول
قال المفكر العربي د. عزمي بشارة إن على المعارضين السوريين أن يتفقوا على مظلة جامعة على غرار “منظمة التحرير الفلسطينية”، في الوقت الذي أقر فيه بأن أركان إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن لا يمانعون إعادة تعويم النظام السوري.
وأوضح بشارة في حديث مع برنامج “منتدى دمشق” على “تلفزيون سوريا” (التابع له) بُث مساء أمس الأحد أنه في ظل وجود كيان سياسي في إدلب وآخر في شمال شرق سوريا وحالة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، هناك خطر حقيقي في أن تصبح هذه الحالة دائمة “لذلك هناك حاجة إلى مظلة جديدة جامعة للسوريين من نوع منظمة التحرير الفلسطينية”، وهذا لا يتطلب، بحسب مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، منصات واجتماعات وثرثرات “بل تنظيمات واتحادات وعقد مؤتمر سوري عام، وإقامة تنظيم جامع للسوريين في الخارج له مؤسساته وأجهزته، حتى إذا صار هناك حديث عن حل في سوريا، يكون هناك طرف شرعي يمكن التواصل معه”.
وقال بشارة إن نشوء هذا البديل يمكن إن يخلص عدداً من المعارضين من النرجسيات والأنانيات والأحقاد فيما بينهم، بحسب ما نقل عنه موقع “المدن” اللبناني اليوم الاثنين.
ووفق قراءته فإن النظام السوري نجح بفرض نفسه على إيران وروسيا على قاعدة أن لا بديل عنه بالنسبة لهما، وعلى اعتبار أن إبقاءه هو انتصار لهما كونه ينفذ ما تريدانه.
وبتحليل بشارة، فإن نظام الرئيس بشار الأسد اليوم هو أشبه بالحلّ بين إيران وروسيا اللتين لا تتفقان على الكثير من الأمور في سوريا ولبنان، بل إنهما تتفقان فقط على إبقاء الأسد “وهو نجح في هذه اللعبة، لكنه في المقابل باع البلد”، ولا “أحد يعرف متى قد يتخلص الشعب السوري من الديون التي صار مرتبطاً بها للإيرانيين والروس”.
وعن موعد انتخابات 26 أيار/مايو الجاري الرئاسية، رأى بشارة أنه “من المعيب أن تُسمى انتخابات”، بل هي “إعادة تدوير للوضع القائم ولا تقدم ولا تؤخر”. واختصر الوضع قائلاً إن النظام السوري “أتقن تمثيل لعبة يعرف أن الناس تعرف أنه يمثلها، مثل اللجنة الدستورية والآن الانتخابات، وهو يستفيد من أن سوريا ليست على رأس أولويات المجتمع الدولي، وأن لا بديل جاهزاً للنظام”، ليخلص إلى أن الحل لا يأتي اليوم “إلا بشكل يُفرض من طرف دولي”، وهو أمر مستبعد، كون هذا الطرف “لا يريد وليس لديه بديل” عن النظام.
وأعرب بشارة عن قلقه من أن “أي تغيير قادم سيواجه تحدي إعادة جمع أمة المواطنين السوريين، لأن النظام ترك أرضاً محروقة من ناحية العلاقات والترابط الاجتماعي والأحقاد والاحتقان”.
وفي اختصاره لما آلت إليه “الثورة السورية” من “حرب أهلية”، ذكّر بشارة بأن الثورة السورية بدأت واستمرت لمدة طويلة كثورة شعبية وسلمية، والنظام أدرك خطورة ذلك، فاستخدم العنف الفائق وتمت تصفية القيادات المدنية للثورة في أول عامين بعد 2011، فدخل السلاح تحت عنوان “حماية المتظاهرين”، وبدأت صراعات على التسلح وظهر أمراء الحرب والسعي نحو نيل الدعم الخارجي، ثم خرجت إلى النور ظاهرة الفصائل المتطرفة، وحصل تشتت غير طبيعي بعددها وبعدم خضوعها إلى أي قيادة سياسية، وهو ما كرّس واقع أن لا بديل سياسياً للنظام.
ورغم كل ذلك، بدا بشارة واثقاً من أنه على المدى المتوسط “لن ينجح النظام السوري لأنه غير قادر على الحكم ولم يكتسب أي شرعية دولية”. وسخر من حقيقة أن الحظر الدولي المفروض على النظام “لا تكسره إلا بعض الدول العربية”.
وعن هذا الموضوع، أعرب عن رأيه بأن الولايات المتحدة “لن تمنع أحداً من التطبيع مع النظام السوري ولن تشجعه” في الآن نفسه، لكنه أوضح أن الحظر الحقيقي على النظام موجود في الكونغرس الأميركي على هيئة قوانين، أما إدارة الرئيس جو بايدن وأركانها من المسؤولين عن ملفات الشرق الأوسط، من أمثال بريت ماكغورك، فإنهم لا يمانعون إعادة تعويم النظام السوري، بحسب رأي بشارة.
وحمّل بشارة القيادات السورية المعارضة جزءاً من المسؤولية عن عدم تمكنها من بلورة بديل ديمقراطي، تقدمت به في بداية الثورة، لكنها ظلت بلا أي نفوذ على الفصائل المتطرفة “التي طرحت بديلاً مخيفاً بالنسبة للغرب”.
وبحسب كلام بشارة، لم تطالب القيادات السورية بتدخل خارجي مثل ما حصل في العراق، بل كان الطلب من العالم حماية المدنيين، وهو ما لم ترغب به الدول الغربية، بينما “الفصائل المتطرفة قدمت للغرب الحجج لتبرير عدم التدخل، ونشأت حالة صرنا معها بحاجة لحماية المدنيين من بعض الفصائل”. وخلص إلى اعتبار أنه “ليس هناك أي طرف لم يخطئ في سوريا، ولو كانت هناك قيادة موحدة للفصائل المسلحة ترغب بأن تكون لها قيادة سياسية، لتغير الكثير في الحدث السوري”.