السبت 3 تموز/يوليو 2021
سوريا اليوم – متابعات
شهد أمس الجمعة تبادل الضغوط والاتهامات بين روسيا وبين المنظمات الدولية التي تعتبرها موسكو منحازة لوجهة النظر الغربية، بخصوص المسؤولية عن تدهور الأوضاع الإنسانية في سوريا.
لافروف: واشنطن مسؤولة
وواصلت موسكو حملتها القوية في معارضة التحرك الدولي لتمديد التفويض الأممي لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، والتشبث بموقفها الرافض لفتح المعابر الحدودية، بحسب ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط اليوم السبت.
وبعد مرور يوم واحد على مناقشة هذا الملف في دمشق، خلال لقاء أجراه الخميس المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف مع الرئيس السوري بشار الأسد، حمّل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بقوة، الجمعة، على الولايات المتحدة، واتهمها بافتعال الأزمة الإنسانية في سوريا بسبب سياسة العقوبات الأحادية.
وقال الوزير الروسي، خلال مؤتمر صحافي مشترك، أمس، مع نظيره البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني، إن محادثاتهما تناولت بشكل خاص عدم وجود أي بديل عن التسوية السليمة والسياسية للنزاع في سوريا، بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، لافتاً إلى أن «تحقيق هذا الهدف يقضي بذل جهود ملموسة فوراً لحل التحديات الإنسانية الخطيرة في هذا البلد».
وفي تشديد على الموقف الروسي السابق حول رفض موسكو فتح المعابر الإنسانية، قال لافروف إن «أسباب تفاقم الوضع الإنساني في سوريا تعود خاصة إلى العقوبات غير القانونية واحتلال قوات أجنبية لأراضٍ وموارد طبيعية ومناطق خصبة تابعة لسوريا».
وكانت موسكو لوّحت باستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد مشروع قرار غربي يقضي بفتح معبرين إضافيين لإدخال المساعدات الإنسانية، إلى جانب الإبقاء على معبر باب الهوى بريف إدلب، الذي يعد المعبر الوحيد حالياً لإيصال المساعدات.
وقال مسؤولون روس إن سبب الأزمة الإنسانية ليس المعابر التي يمكن أن تستخدم لتوفير إمدادات للإرهابيين، بل سياسات العقوبات الغربية. وشكّل هذا الملف أحد محاور البحث الأساسية للمبعوث الرئاسي الروسي في سوريا، أول من أمس، إلى جانب «بحث أبرز التطورات على المسار السياسي سواء من خلال اجتماعات أستانة أو اجتماعات لجنة مناقشة الدستور».
وألمحت مصادر روسية إلى إمكانية التوصل إلى حل وسط للملف الإنساني، في حال وافقت البلدان الغربية على قيام «ثلاثي أستانة» بالإشراف على إدخال المساعدات الإنسانية وتوزيعها بالتنسيق مع حكومة دمشق.
وفي مقابل تأكيد واشنطن عزمها على مواصلة ملاحقة تنظيم «داعش» في سوريا، قال لافروف إنه لا يعتبر أن الخطر الذي يشكله تنظيم «داعش» في سوريا والعراق ارتفع بشكل ملموس في الآونة الأخيرة، مشيراً إلى أن كلتا الدولتين تمكنت من إحباط خطط لإنشاء «الخلافة» المزعومة في أراضيهما، متحدثاً عن «وجود تنظيمات إرهابية أخرى تشكل خطراً في الأراضي السورية، وبالدرجة الأولى هيئة تحرير الشام».
وأعرب عن قناعة بأنه «يتعين على الدول التي بررت وجودها العسكري غير القانوني في الأراضي السورية بمحاربة الإرهاب أن تعمل قبل كل شيء على إزالة هذا الخطر وليس احتلال أجزاء واسعة من الأراضي السورية واستغلال مواردها الطبيعية بشكل غير قانوني».
ورحب لافروف، خلال لقائه الزياني، الجمعة، بقرار المنامة إعادة فتح سفارتها في دمشق، مبدياً استعداد روسيا لمواصلة تبادل التقييمات مع الجانب البحريني في سوريا على مستوى الممثليات الدبلوماسية. وقال إن بلاده ترى أن «عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية هي خطوة مهمة وقريبة».
ضغط دولي: إغلاق باب الهوى كارثة
وفي سياق متصل، شكل أعضاء أكثر من 50 منظمة إغاثة سورية ودولية، أمس الجمعة، سلسلة بشرية قرب معبر باب الهوى على الحدود السورية – التركية، وحذروا من إغلاق المنفذ الوحيد الذي تمر من خلاله المساعدات بأمان إلى شمال غربي سوريا.
وتنتهي الفترة المتفق عليها لإبقاء المعبر مفتوحاً في العاشر من الشهر الحالي. ويستعد مجلس الأمن قبلها للتصويت على قرار لتمديد إدخال المساعدات وسط خشية من فيتو روسي، بعدما أبدت موسكو مراراً رغبتها في إغلاقه، لتصبح بذلك كل معابر المساعدات إلى سوريا مقفلة، باستثناء تلك التي تمر عبر دمشق، بحسب ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط اليوم.
ولفتت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن المشاركين في السلسلة البشرية التي امتدت على طول أكثر من كيلومترين على طريق دولية قرب معبر باب الهوى، رفعوا لافتات حملت شعارات عدة، بينها «الفيتو الروسي يقتلنا» و«باب الهوى ليس معبراً إنسانياً بل شريان حياة». وارتدى معظمهم سترات تحمل أسماء المنظمات التي يعملون في صفوفها. وقال المنسق الطبي في منظمة بنفسج المحلية وسيم باكير للوكالة الفرنسية، «نسعى عبر هذه الوقفة إلى حملة مناصرة لتمديد هذا القرار لأن النتائج ستكون كارثية» في حال وقف العمل به.
ويقطن في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في شمال غربي سوريا نحو 4.5 ملايين شخص، قرابة ثلاثة ملايين منهم، غالبيتهم من النازحين، في مناطق تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) في إدلب، بينما يقيم 1.5 مليون في مناطق تسيطر عليها القوات التركية وفصائل موالية لها في شمال حلب.
وحذرت منظمة الصحة العالمية، فضلاً عن منظمات دولية وغير حكومية أخرى، من «كارثة إنسانية»، خصوصاً في إدلب، التي تضيق بآلاف مخيمات النازحين، في حال توقفت المساعدات العابرة للحدود. وشددت على أن باب الهوى يُشكل معبراً «حيوياً لعمليات الاستجابة لفيروس كورونا».
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في بيان الخميس من «تأثير مدمر» على 1.7 مليون طفل سوري في حال فشل مجلس الأمن في تمديد التفويض.
وتقدمت آيرلندا والنرويج، العضوان غير الدائمين في مجلس الأمن والمسؤولتان عن الملف في الأمم المتحدة، بمشروع قرار الجمعة يتضمن تمديد التفويض لعام واحد عبر معبر باب الهوى. كذلك، يطالب المشروع بإعادة العمل بمعبر اليعربية مع العراق، الذي أغلق العام الماضي وكان مخصصاً لإيصال المساعدات إلى مناطق سيطرة «الإدارة الذاتية الكردية» في شمال شرقي سوريا.
ولفتت الوكالة الفرنسية إلى أن مجلس الأمن سمح في عام 2014 بعبور المساعدات إلى سوريا عبر أربع نقاط حدودية، لكنه ما لبث أن قلصها مطلع العام الماضي، بضغوط من روسيا والصين، لتقتصر على معبر باب الهوى بين تركيا ومحافظة إدلب. ويدخل عبره شهرياً حوالي عشرة آلاف شاحنة. وتنطلق موسكو في مساعيها من اعتبارها أن تفويض الأمم المتحدة في موضوع الحدود ينتهك سيادة سوريا.