الخميس 15 تموز/يوليو 2021
سوريا اليوم – دمشق
تمكن أنس الخالد (53 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في إدلب، شمال غربي سوريا، قبل أيام، من الوصول إلى مدينته مورك بريف حماة الشمالي ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، قادماً عبر طرق تهريب من مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).
وتنشط حركة تهريب الأشخاص بين مناطق سيطرة فصائل المعارضة شمال غربي سوريا ومناطق سيطرة الحكومة السورية في ظل إغلاق المعابر بين الطرفين، بحسب ما يسرد تقرير لوكالة “نورث برس“.
ويربط بين إدلب ومناطق سيطرة القوات الحكومية معبر العيس جنوب حلب ومعبر قلعة المضيق غربي حماة ومعبر أبو الزندين شمال حلب، وأغلقت جميعها بعد الحملات العسكرية الحكومية وروسيا وإيران على جنوب وشرق إدلب منتصف عام 2019 ومطلع عام 2020.
وقال “الخالد” إنه اضطر للمخاطرة والعودة إلى مدينته عبر طرق التهريب، لاستعادة أرضه المزروعة بأشجار الفستق الحلبي، وذلك بعد تداول أنباء تفيد بأن الحكومة تصادر جميع الأراضي التي تعود ملكيتها لأشخاص يقيمون في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وفي نيسان/أبريل الماضي، قالت منظمة حقوق الإنسان “هيومن رايتس ووتش” إن “السلطات السورية تصادر بشكل غير قانوني منازل وأراضي سوريين فروا من الهجمات العسكرية السورية الروسية في محافظتي إدلب وحماة.”
وبحسب المنظمة فإن “ميليشيا موالية للحكومة والاتحاد العام للفلاحين الذي تسيطر عليه الحكومة شاركت في الاستيلاء على هذه الأراضي وبيعها بمزاد علني لمؤيدي الحكومة”.
مخاطر ألغام
وعلى الرغم من مخاطر انفجار ألغام مزروعة في الأراضي التي يتم سلوكها أو التعرض للاعتقال سواء من الأجهزة الأمنية الحكومية أو هيئة تحرير الشام، “لكنه يبقى الخيار الوحيد”، على حد تعبير المزارع الذي سلك طرق التهريب في المنطقة.
وكان “الخالد” قد اتفق مع أحد المهربين في ريف حلب الشرقي لإدخاله إلى مناطق الحكومة دون أن يطلب منه أحد هويته الشخصية أو يتم إيقافه من قبل أي حاجز للقوات الحكومية، وذلك مقابل 500 دولار أميركي دفعها للمهرب مسبقاً، والذي تعهد بإعادة المبلغ في حال لم يتمكن من الدخول.
ويقول الرجل الخمسيني: “خرجت بعد منتصف الليل عبر أراض زراعية وتوجه بعد ذلك بحافلة إلى حلب ومنها إلى حماة ثم مورك”.
ويضيف: “لم يقم أي حاجز بإيقافنا كما كنا متفقين، حيث استغرق الطريق مدة أكثر من 15 ساعة”.
وغادر مجد سليمان (22 عاماً) مدينة حلب بعد أن قامت شعبة التجنيد الحكومية بطلبه عدة مرات للالتحاق “بالخدمة الإلزامية”.
وخرج الشاب من حلب وتوجه إلى مدينة عفرين التي تسيطر عليها قوات تركية مع فصائل المعارضة الموالية لها ومن هناك توجه إلى الأراضي التركية، حيث اضطر للسير في مناطق جبلية وعرة “وخطرة جداً نظراً لوجود ألغام”.
ضباط شركاء
ودفع الشاب “سليمان” مبالغ وصلت إلى 1200 دولار أميركي للوصول إلى عفرين، لكنه تعرض هناك للاعتقال على أيدي “الشرطة العسكرية” لعدة أيام، لحين قيامه بدفع مبلغ 150 دولاراً أميركياً لهم مقابل الإفراج عنه.
وعن الطرق التي يسلكها الراغبون بالخروج من مناطق سيطرة الحكومة إلى مناطق المعارضة وبالعكس، قال مهرب اكتفى بالتعريف عن نفسه باسم “أبو الليث” إن هناك العديد من الطرق مثل طريق بلدتي نبل والزهراء، وطريق منبج وطرق أخرى بالقرب من مدينة الباب شرق حلب.
وأضاف المهرب أن كل عمله يتم بالتنسيق مع قادة في “قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية، وهم من يقومون غالباً بحماية حافلات الركاب إلى حين وصولها إلى المنطقة المتفق عليها”.
وتتراوح المبالغ التي يتقاضاها المهربون بين 350 و 1200 دولار أميركي، وذلك يختلف بحسب الشخص وعمره إن كان شاباً أو عجوزاً فضلاً عن الوضع الأمني لكل شخص، بحسب “أبو الليث”.
وذكر المهرب أنه يفرض مبالغ مالية كبيرة على الشباب الذين لم يلتحقوا بالخدمة العسكرية الالزامية والاحتياطية أو المطلوبين أمنياً، “وذلك من أجل دفع الرشاوى لعشرات الحواجز الذين يضطرون لعبورها”.
لكنه اعتبر أن النسبة التي يحصل عليها “قليلة وذلك بسبب وجود العديد من الشركاء سواء من الضباط في النظام السوري أو في الجيش الوطني السوري”.
وذلك ما أكده الشاب مجد سليمان الذي قال إن المهربين كانوا يستغلون معرفتهم بوضعه، وكانوا يسمون حاله كشاب فار من الخدمة العسكرية بـ”تهريبة دسمة”.