تعيش سوريا الآن لحظةً مفصلية، ويتجه السوريون نحو بناء مستقبلهم على أسس جديدة لم يشهدوها منذ عقود، إذ سيكون مؤتمر الحوار الوطني المرتقب انعقاده قريباً ساحة تلاقٍ ستفتح الآفاق أمام أبناء الوطن، وضع أسس المرحلة القادمة، بعيداً عن قيود الماضي ومآسيه.
وبعد أن شكل الرئيس السوري أحمد الشرع يوم أمس الأربعاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر، يوضح لنا اليوم المتحدث باسم اللجنة التحضيرية للمؤتمر، حسن الدغيم، العديد من التفاصيل التي تشغل بال السوريين.
في حوار خاص له مع وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا»، أكد الدغيم أن المؤتمر سيعكس صورة المجتمع السوري بكل تنوعه، حيث يجتمع السوريون والسوريات لأول مرة منذ عام 1950 على أرضية مشتركة لصياغة مستقبلهم، واصفاً هذه المرحلة بأنها لحظة تاريخية فارقة في مسار البلاد، إذ يطوي السوريون صفحة الماضي متجهين نحو مرحلة سياسية جديدة.
وبيّن الدغيم أنه منذ صدور التكليف الرئاسي بتشكيل اللجنة التحضيرية، بدأت التحضيرات على مختلف الأصعدة، سواء من حيث وضع الأطر التنظيمية، أو التخطيط لآليات إدارة الحوار، أو حتى التواصل مع مختلف الشرائح الاجتماعية لضمان تمثيل شامل، كما تعمل اللجنة على إشراك أوسع طيف من السوريين، مع مراعاة التوزيع الجغرافي والتخصصات والخبرات المختلفة، والحرص على أن يكون التمثيل انعكاساً حقيقياً للمجتمع السوري دون الوقوع في فخ المحاصصة الطائفية أو الحزبية.
أما حول اختيار الشخصيات الوطنية للمشاركة في المؤتمر، فترتكز اللجنة على عدة معايير أساسية، منها التأثير الاجتماعي، والخبرة، والقدرة على الإسهام الفعلي في الحوار، إذ أن الغاية ليست الحشد العددي، بل تحقيق التوازن بين النوعية والتمثيل العادل، ليكون المؤتمر ساحة نقاش حقيقية تعبر عن هموم السوريين وآمالهم.
اقرأ أيضاً: الائتلاف الوطني حلّ نفسه على مائدة الرئيس الشرع: مندمجون في الدولة!
وفيما يتعلق بتمثيل المحافظات، تعمل اللجنة على لقاء المواطنين في مختلف المناطق للوقوف على خصوصيات كل محافظة، والاستماع لمطالبها واختيار الشخصيات القادرة على نقل صوتها ضمن المؤتمر، ويؤكد الدغيم أن هذا التمثيل لن يكون خاضعاً لاعتبارات فئوية، بل سيعكس صورة حقيقية لتنوع المجتمع السوري.
أما الدور المنوط باللجنة التحضيرية، فيكمن في إدارة وتنظيم أعمال المؤتمر، وضمان سير النقاشات بشكل سلس وفعال، على أن ينتهي عملها مع صدور البيان الختامي الذي سيحدد ملامح المرحلة المقبلة، وبالنسبة لمحاور النقاش، فإنها ستُحدد تباعاً بناءً على المشاورات المستمرة بين مختلف الجهات المعنية، مع ترك مساحة كافية للنقاش المفتوح حول القضايا الجوهرية التي تهم البلاد.
وحول إمكانية طرح إعلان دستوري جديد خلال المؤتمر، يوضح الدغيم أن البلاد بحاجة إلى سد الفراغ الدستوري الذي خلفه تعطيل دستور 2012، إلا أن القيادة فضّلت أن يكون هذا الإعلان نتاجاً لمخرجات الحوار الوطني، ليكون أكثر شرعية وتمثيلاً لتطلعات السوريين، سواء كان ذلك إعلاناً مؤقتاً أو خطوة نحو دستور دائم.
اقرأ أيضاً: تسريبات تكشف حضور الرئيس أحمد الشرع القمة الطارئة
وفي سياق الحديث عن استقلالية اللجنة التحضيرية، شدد الدغيم على أن اللجنة تتمتع باستقلال كامل في وضع أجندتها وتنظيم أعمالها، دون أي تدخل من أي جهة، وذلك لضمان سير المؤتمر وفق رؤية متفق عليها بين كافة الأطراف المشاركة، مشيراً إلى أن الرئيس أحمد الشرع حريص جداً على إنجاح المؤتمر، وهذا ما دفع لتأجيل انعقاده عدة مرات.
وستكون العدالة الانتقالية، بوصفها ركيزة أساسية في أي تحول سياسي، أحد الموضوعات الرئيسية على طاولة المؤتمر، إذ يرى الدغيم أن تحقيق الوفاق الوطني والسلم الأهلي لا يمكن أن يتم دون إرساء آليات واضحة للعدالة الانتقالية، تضمن رد الحقوق وتحقيق المصالحة الوطنية.
اقرأ أيضاً: وزير الخارجية: آذار المقبل سيشهد ولادة حكومة تمثل جميع أطياف الشعب السوري