وسط أجواء سياسية تشهد العديد من التغيرات المهمة، يواصل المجتمع الدولي متابعة تطورات المشهد السوري، في محاولة لفهم مسارات الحوارات الجارية ودفع العملية السياسية إلى الأمام، وفي هذا السياق، أكدت المتحدثة باسم المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، جينيفر فينتون، أن الأمم المتحدة تتابع بدقة و«عن كثب» مداولات اللجنة التحضيرية التي تعمل على الإعداد لمؤتمر الحوار الوطني في البلاد.
وأوضحت فينتون خلال تصريحات صحفية أن تشكيل هذه اللجنة، إلى جانب المشاورات الجارية داخل المحافظات السورية، يشكلان جزءاً من الجهود المبذولة لتحقيق تقدم في العملية السياسية، مشددة على ضرورة أن تكون هذه المشاورات شفافة وشاملة، بحيث تشمل كافة شرائح المجتمع السوري، واعتبرت أن إشراك الجميع في هذه العملية من شأنه أن يعزز ثقة المواطنين في أي خطوات مستقبلية تهدف إلى تحقيق انتقال سياسي مستدام.
وفي إطار هذه الجهود، أعلنت الرئاسة السورية مؤخراً عن تشكيل لجنة تحضيرية خاصة بمؤتمر الحوار الوطني، تضم عدداً من الشخصيات السورية من مختلف الخلفيات، وتزامناً مع ذلك، كشف المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، عن زيارة وشيكة للمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، إلى دمشق، حيث يعتزم استئناف مشاوراته مع مسؤولين في الحكومة الانتقالية وممثلين عن المجتمع السوري، وتعزيز الحوار حول سبل تحقيق تقدم ملموس في المسار السياسي المتعثر.
وفي مؤتمر صحفي عقده بيدرسون في دمشق خلال زيارته الأولى قبل أسابيع، أشار إلى أن مجلس الأمن الدولي أصدر في ديسمبر 2024 قراراً يؤكد على استمرار العمل بالمبادئ الواردة في القرار 2254، رغم التحولات التي شهدها الملف السوري، وبيّن أن هذا القرار لا يزال يحتفظ بأسس هامة، مثل ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، إلى جانب الحاجة إلى عملية انتقالية سياسية تُنفّذ بمشاركة جميع الأطراف، وبرعاية الأمم المتحدة.
اقرأ أيضاً: الحوار الوطني: مشاورات بناءة وشفافة في اللاذقية وحماة
وتناول بيدرسون خلال حديثه العديد من القضايا العالقة، من بينها أوضاع المعتقلين والمفقودين، وأزمة اللاجئين، واستمرار الحاجة الملحة للمساعدات الإنسانية في سوريا، إذ لا يزال أكثر من 17 مليون شخص في البلاد يعتمدون على هذه المساعدات.
كما تطرق إلى العقوبات المفروضة على سوريا، معتبراً أن رفعها ضروري لتسهيل إعادة الإعمار وتحسين الظروف المعيشية للسكان، وأكد أن هذه المسائل، إلى جانب ملفات أخرى مثل سيادة القانون، حقوق الإنسان، والعدالة الانتقالية، تقع ضمن نطاق عمل الأمم المتحدة، التي تملك الخبرة اللازمة لدعم السوريين في هذه المجالات، شرط أن تكون مشاركتها قائمة على دعوة صريحة من الأطراف المعنية.
وحول آفاق المرحلة الانتقالية، شدد بيدرسون على أن نجاحها يعتمد بالدرجة الأولى على إرادة السوريين أنفسهم في إدارة مستقبلهم، لافتاً إلى أنه استمع خلال الأيام الأخيرة إلى وجهات نظر إيجابية بشأن إمكانية إحراز تقدم في هذا الشأن، وأعرب عن تفاؤله إزاء المناقشات الجارية، لكنه في الوقت ذاته دعا إلى التحلي بالصبر والمرونة لتجنب أي تصعيد غير محسوب العواقب.
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة تعلن عبور 100 ألف شخص من لبنان إلى سوريا 60% منهم أطفال
وفيما يخص الوضع في شمال شرق سوريا، أكد بيدرسون على ضرورة التعامل بحذر مع المستجدات هناك، حيث تجري مفاوضات بين الحكومة المؤقتة والقوات الكردية، إلى جانب حوارات أخرى بين تركيا والولايات المتحدة، وأشار إلى أن أي حل عسكري لن يكون في مصلحة الشعب السوري، مما يجعل الحوار السياسي السبيل الوحيد لتجاوز التعقيدات الراهنة.