حصون مهيبة، وعمارة تروي جدرانها حكايا عن عراقة التاريخ، تأخذنا القلاع التاريخية في سوريا في رحلة، وفي طريقنا إليها تُسمعنا زجلاً يسرد أسرار الحروب والسلام، الأفراح والأتراح، النهوض والسقوط، وفي هذا المقال، سنعرفكم على أشهر القلاع في سوريا وأجملها.
تتوسط هذه القلعة الأثرية سوريا، بُنيت بين عامي 1142 و1271، وتعدّ من أجمل القلاع التي تعود للعصور الوسطى، فقد كانت يوماً ما إحدى أهم القلاع في الإمارات الصليبية، وتحولت بعدها من قاعدة عسكرية إلى قلعة مركزية في القرن الثالث عشر، وعلى الرغم من الحروب والصراعات التي شهدتها، لا تزال قائمة حتى اليوم، وقد أُدرجت عام 2006 على قائمة التراث العالمي.
ومن أعظم القلاع الصليبية في سوريا وأهم معقل لفرسان الاسبتارية، قلعة المرقب التي تقع قرب ساحل البحر الأبيض المتوسط في مدينة بانياس، بُنيت في عام 1104 فوق تلة بركانية، واستكمل العمل عليها في القرن الثالث عشر، حيث تضم أربعة عشر برجاً للمراقبة، يجعلون منها حصناً مهيباً يجذب السياح.
أما قلعة دمشق التي تقع في الزاوية الشمالية الغربية لمدينة دمشق القديمة، وفيعود تاريخ بنائها إلى عهد تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان السلجوقي في عام 1078، وتعدّ نموذجاً بارزاً للعمارة العسكرية الأيوبية، حيث تمتد على مستوى الأرض وتحيط بها خندق بعرض 20 متراً، هذه القلعة، التي تحتوي على 12 برجاً، تتميز بتصميمها الدفاعي الفريد الذي يجمع بين الجمال والوظيفة، ما رشحها لتكون من أشهر القلاع التاريخية في سوريا.
وفي مدينة الشهباء تتربع قلعة حلب كإحدى أهم القلاع في العالم بسبب حجمها الضخم، وموقعها المرتفع، حيث يتطلب الوصول إليها صعود سلالم مرتفعة وبوابة رئيسية محاطة بقناطر وسلالم.
قلعة شميميس هي أيضا إحدى أهم معالم مدينة سلمية الأثرية، بُنيت في القرن الأول قبل الميلاد، وهي القلعة الوحيدة في الريف الشرقي لمحافظة حماة، تتربع على تلة مرتفعة (140 م عن سطح الأرض) ويحيط بها خندق عمقه 10 أمتار، والذي يمنحها موقعاً استراتيجياً وسط سهل واسع محاط بالجبال، ويجدها سكان المنطقة وزوارها متنفساً لهم في أيام العطل.
وتقع قلعة القدموس في بلدة القدموس غرب سوريا، وقد بُنيت في القرن الحادي عشر الميلادي لتصبح مركزاً لطائفة الحشاشين، وما يميزها تشييدها فوق صخرة طبيعية، وإطلالتها على مناظر خلابة من جميع الجهات، وتبعد 27 كم عن بانياس و70 كم عن طرطوس.
أما قلعة تدمر التي تُعرف أيضاً بقلعة فخر الدين المعني الثاني، تقع فوق جبال تدمر وتطل على المدينة وواحتها، بُنيت في عهد أسد الدين شيركوه، وتتكون من سور محيط بها يحتوي على سبعة أبراج وخندق بعرض 12 متراً، كانت القلعة حصناً منيعاً ضد المهاجمين، حيث كان الجنود يسحبون الجسر المتحرك لمنعهم من الاقتراب، ما جعلها نقطة استراتيجية هامة في تاريخ المنطقة.
وتقع قلعة صلاح الدين الأيوبي، المعروفة سابقاً بقلعة صهيون، في جبال الساحل السوري بمحافظة اللاذقية، وتتربع قرب مدينة الحفة، فوق قمة صخرية تمتد على شكل مثلث متساوي الساقين، يبلغ طولها 740 متراً، وتغطي مساحة تزيد عن 5 هكتارات، وقد تميزت عبر العصور بكونها رمزاً للقوة والتاريخ، وتحمل اليوم اسم القائد العربي العظيم صلاح الدين الأيوبي، تخليداً لذكراه وإنجازاته.
جدير بالإشارة أن سوريا تحتضن العديد من القلاع الرائعة التي قد لا تحظى بشهرة القلاع الكبرى، لكنها تحمل بين جنباتها تاريخاً عريقاً وجمالاً فريداً.
ومن بين هذه القلاع، تبرز قلعة الكهف في محافظة طرطوس، التي بُنيت عام 1120 م على يد سيف الملك بن عمرون، وبعد فترة قصيرة، بيعت إلى الإسماعيليين، وقد استخدمها زعيم طائفة الحشاشين، رشيد الدين سنان، كملاذ للتنسك، لذا فهي تحمل طابعاً روحانياً خاصاً.
وعلى بُعد مسافة، تقع قلعة مصياف في مدينة مصياف بمحافظة حماة، والتي لعبت دوراً مهماً في تاريخ المنطقة وصراعاتها، كما تروي قلعة حارم، الواقعة في شمال غرب سوريا في إدلب، قصصاً من العصور القديمة، تعود أصولها إلى الفترة البيزنطية في القرن العاشر الميلادي، وقد شهدت هدماً وإعادة بناء خلال الفترات الصليبية والإسلامية، ما جعلها تشهد على تحولات تاريخية متعددة.
ختاماً، لا تكفينا مجلدات لذكر أهم المعالم التاريخية والأثرية في سوريا، لكثرتها وغناها بالأحداث المهمة في تاريخ المنطقة والعالم والتي تجعل عيون السياح تتطلع نحوها طوال الوقت، فالقلاع وحدها تعدّ شواهد حية على حضارة غنية تستحق أن تُخلَّد في ذاكرة الأجيال.
اقرأ أيضاً: معرة النعمان: مدينة أبي العلاء المعري، قيمتها التاريخية ورمزيتها!