تعدّ سوريا من البلدان الغنية بالتنوع البيولوجي، إذ تحتضن في أرجائها مجموعة قيّمة من المحميات الطبيعية الساحرة التي تعكس جمال طبيعتها العذراء، وفي هذا المقال سنعرفكم على أهم المحميات الطبيعية في سوريا وأجملها.
تقع محمية جبل النبي متّى على كتف الجبال الساحلية على بعد 20 كم من مدينة الدريكيش و53 كم من طرطوس، ويبلغ ارتفاعها حوالي 1100 م عن سطح البحر وتعدّ من المحميات الطبيعية المهمة في سوريا، والجاذبة لمحبي الطبيعة والسياحة.
تحتضن المحمية غابة غنية بأشجار الصنوبر والكستناء، وأنواع نباتية عديدة مثل الأرز اللبناني والسرو، كما تتواجد فيها حيوانات مثل السنجاب والخلد، وطيور متنوعة منها الحجل والشحرور، يقصدها الزوار على مدار العام للاستمتاع بجمال الطبيعة الجبلية والينابيع العذبة.
محمية أم الطيور في اللاذقية من المحميات الرائعة، تمتد على مساحة 10,000 دونم، وقد تأسست بهدف الحفاظ على الطيور المهاجرة التي تتوافد إلى المنطقة، إضافة إلى حماية الأشجار الحراجية المتنوعة التي تزين المكان.
تمتاز المحمية بتنوعها البيئي، حيث تنتشر فيها أشجار الخرنوب والبطم اللانتسكي والزيتون البري، وتوفر موطناً آمناً للعديد من الأنواع، ونقطة انطلاق هامة لدراسة سلوك الطيور المهاجرة، ومكاناً مثالياً للاسترخاء والاستمتاع بجمال الطبيعة.
محمية الأرز والشوح أيضاً تقع في ناحية صلنفة بمحافظة اللاذقية، وهي محمية بيئية حراجية تتميز بجمالها الطبيعي الخلاب، تسود فيها أجواء المناخ المتوسطي،.
تُهيمن على هذه المحمية أشجار الأرز اللبناني الشاهقة، والشوح الكيليكي، والشرذ، والسنديان اللبناني، وأشجار السنديان الأرزي وسنديان البراندي، كما تُزهر فيها أنواع متنوعة من النباتات مثل أراليا، الصفصاف، النبق، مسهل، قيقب، طور غوسي، المحلب، والزعتر.
أما بالنسبة للحيوانات، ففيها يمكن رؤية خنازير برية، وضباع، وثعالب، وذئاب، وأرانب برية، وغزلان، وبوم، وشحرور، وأبو الحنّ وغيرها من الكائنات الجميلة، لذا فهي مقصد مثالي لعشاق الطبيعة، حيث يمكنهم استكشاف التنوع البيولوجي والاستمتاع بأجواء هادئة ومليئة بالسحر.
اقرأ أيضاً: أهم المعالم السياحية في الساحل السوري
أمّا محمية التليلة فتعدّ أول محمية طبيعية في البادية السورية، تقع شرق تدمر على بعد نحو 17 كم، وتغطي مساحة 108 آلاف هكتار، وقد أنشِئ فيها مواقع خاصة لإطلاق الحيوانات البرية على مساحة 14 كم²، مزودة بالمظلات ومناهل المياه.
تضم المحمية 257 نوعاً من الطيور و22 نوعاً من الثدييات و21 نوعاً من الزواحف، إضافة إلى نوع من البرمائيات وعدد كبير من الحشرات، ومن أهم الكائنات طائر النوق (أبومنجل)، الذي اعتُقد أنه انقرض في الثمانينيات، حيث وُجدت مجموعتان منه في شمال غرب المغرب.
في أبريل 2002، تمكن فريق وطني بقيادة الخبير الإيطالي جان لوكا سيرا من رصد مستعمرة تضم 3 أزواج من أبومنجل الأصلع الشمالي، وذلك في جروف الجبل الأبيض قرب بحيرة وادي أبيض، وأصبح هذا الاكتشاف حديثاً عالمياً.
وتشكّل محمية العضامي، الواقعة على طريق الحرير جنوب شرق حلب، رئة حيوية للمنطقة، وتلعب دوراً أساسياً في حماية التنوع البيولوجي والنباتي، تمتد على مساحة 3000 هكتار، مزروعة بشجيرات رعوية مثل الروثا والقطف الملحي.
تضم المحمية أنواعاً نباتية طبيعية مثل القبا والخافور والنميص، وتحتوي على طيور متنوعة مثل القبرة وأبو الحن والبوم، إضافة إلى الأرنب البري والثعابين.
كما تمر بالمحمية سنوياً طيور مهاجرة مثل الأوز والعقاب، وتحتوي أيضاً على مسيج لتربية الغزلان بمساحة 75 هكتاراً، مجهز بكافة الوسائل اللازمة لحمايتها ورعايتها وقد أُدخِلت إليها زراعة كفوف نبات الصبار لأهميته، إذ تستخدمه لحيوانات والطيور كملجأ لهم، ويساهم في تثبيت الكثبان الرملية وتحسين نوعية التربة.
اقرأ أيضاً: «قلعة حلب» رمز العنفوان رغم كُروب الزمان
وتتربع محمية البلعاس في الجهة الجنوبية الشرقية من محافظة حماة، بمحاذاة الطريق بين بلدة عقيربات ومدينة تدمر، وتتبع إدارياً لمنطقة سلمية.
تتميز المحمية بتنوع نباتي كبير، حيث تنتشر فيها أشجار معمرة مثل البطم الأطلسي، والتين البري والعديد من الشجيرات مثل السويد الفلسطيني والخوخ البري، كما تحتوي على نباتات طبية وعطرية مثل الشّوح العشبي والزعتر البري، إضافة إلى نباتات المراعي كالروثا والشوفان البري.
وتعدّ هذه المحمية موطناً غنياً بالحيوانات والطيور البرية، مع وجود وديان تشكل مسيلات مائية طبيعية، وتشمل الطيور البرية الموجودة في المحمية الدرج والحجل الجبلي والقطا، إلى جانب القوارض مثل الأرانب والجرذان والزواحف كالأفاعي والسحالي ما يجعلها ملاذاً طبيعياً يساهم في حماية الحياة البرية.
وعلى امتداد القمم الجبلية الشرقية لسلسلة جبال لبنان الشرقية، تقع محمية اللذاب بطول حوالي 55 كم وعرض يتراوح بين 3 إلى 7 كم، يبدأ الجزء السوري من المحمية في ريف دمشق، ويمتد شمالاً إلى وادي مرطبية ووادي الشيخ علي، حتى غربي بلدة عسال الورد جنوباً، حيث تحدها الحدود اللبنانية غرباً.
تشير الدراسات إلى وجود 8 أنواع حيوانية متوطنة في المنطقة، مع 150 نوعاً نباتياً ينتمون إلى 31 فصيلة، لذا فهي تتميز بالتنوع البيولوجي الهائل.
اقرأ أيضاً: معرة النعمان: مدينة أبي العلاء المعري، قيمتها التاريخية ورمزيتها!
وأخيراً وليس آخراً، محمية عايد، وهي من وجهات السياحة البيئية المهمة في محافظة الرقة، وقد تشكلت هذه الجزيرة الاصطناعية بعد بناء سد الفرات، وتصل مساحتها الإجمالية إلى 590 هكتاراً، وتتميز بتنوع تضاريسها التي تشمل الأودية والخليج والسهل والتلال.
تحتضن المحمية مجموعة من الأنواع النباتية، بما في ذلك الصنوبر الحلبي والدردار السوري، ونباتات عطرية وطبية، كما تعيش فيها بعض أنواع الثدييات مثل الثعالب والأرانب البرية، بالإضافة إلى العديد من الزواحف. وقد تم إدخال الغزلان إلى الجزيرة، فضلاً عن اجتذابها العديد من الطيور.
تلعب المحمية دوراً مهماً في حماية الغطاء النباتي والحيوانات البرية، إضافة إلى تحسين المناخ وتعزيز السياحة، كما تساهم جهود التشجير في إعادة التوازن البيئي للمنطقة،.
في الختام، تحمي المحميات الطبيعية في سوريا التنوع البيولوجي، ولكنها في الوقت ذاته جواهر ثمينة يجب حمايتها والحفاظ عليها -خاصةً بعد التغير الكبير الذي يطال المناخ العالمي – لتستمر في عطائها للكائنات التي تعيش فيها، ولتبقى وجهات سياحية تريح العقول وتبهج الأنظار.
اقرأ أيضاً: وجهات سياحية في حلب تجذب السياح الأجانب