على الرغم من الوعود المتكررة بتحسين الأوضاع المعيشية في سوريا، لا تزال تكاليف الحياة تشكل عبئاً ثقيلاً على المواطنين، وأحد الأمثلة البارزة على هذه الأعباء هو الارتفاع الكبير في أسعار أسطوانات الغاز، التي تعد من الضروريات الأساسية في كل منزل…
ففي الوقت الذي لا يزال سعر أسطوانة الغاز ذات السعة 10 كغ يتجاوز الـ 200 ألف ليرة في السوق الحرة، تتراوح أسعارها في مراكز التوزيع التابعة لشركة محروقات بين 150 ألف و175 ألف ليرة، وفقاً لتقلبات سعر الصرف، فضلاً عن تباين الأسعار حسب «المعتمد» في كل منطقة.
وفي مقال لها، قدّرت جريدة الوطن السورية أن تكلفة الأسطوانة المستوردة، مع إضافة تكاليف النقل والشحن والتخليص الجمركي، لا تتجاوز 100 ألف ليرة، طارحةً تساؤلاً مشروعاً حول السبب وراء الزيادة الكبيرة في أسعار الغاز في السوق المحلية، والمبالغ الطائلة التي تتحصل عليها شركة محروقات.
وبحسب تقارير مطلعة، فإن الحكومة السورية تواجه تحدياً كبيراً في تلبية احتياجات المواطنين من هذه المادة الأساسية، إذ تشير التقديرات إلى أن حاجة الأسر تتجاوز 150 ألف أسطوانة غاز في سوريا يومياً، وعند النظر في هذه الأرقام، يتضح أن هامش الربح من بيع الغاز المنزلي في السوق المحلية يمكن أن يصل إلى مليارات الليرات يومياً (10 مليارات ليرة يوميّاً وفق الصحيفة)، وهو ما يثير تساؤلات حول من يستفيد من هذا الفائض الهائل، بينما تعجز الحكومة عن توفير الغاز بأسعار معقولة للمواطنين.
اقرأ أيضاً: تفاصيل اتفاق الحكومة وقسد لاستئناف استجرار النفط والغاز
وفي هذا السياق، يبرز دور السوق السوداء، التي أصبحت الوجه الآخر للتجارة غير الرسمية للغاز، حيث يعمد بعض التجار إلى استغلال الوضع الراهن وبيع الغاز بأسعار مرتفعة جداً.
ويعكس هذا الوضع فشل شركة محروقات في تلبية الطلب المحلي من الغاز، ما يتيح الفرصة للوسطاء والسوق السوداء لتحقيق أرباح ضخمة على حساب المواطن السوري، الأمر الذي يفرض تساؤلاً آخراً حول كفاءة الآليات التي تتبعها السلطات المختصة في إدارة توزيع الغاز، وما إذا كانت هناك جهات غير مرئية تتربح من الأزمة الحالية.
قطر تؤجل الدعم المالي
من جهة أخرى، وبينما يواصل الشعب السوري معاناته بنتيجة توقف الأجور، وتقلص حجم الأعمال، أفادت وكالة «رويترز» عن مصادر مطلعة أن دولة قطر قد أجلت تقديم أموال لدعم زيادة رواتب القطاع العام في سوريا، في ظل المخاوف من خرق العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا.
وبحسب الوكالة، فإن قطر لم تبدأ بعد بتقديم الدعم بسبب الغموض المحيط بموقف الإدارة الأمريكية تجاه دمشق، رغم الإعفاء المؤقت الذي منحته واشنطن للسماح بالتعامل مع المؤسسات الحاكمة في سوريا لمدة ستة أشهر.
وتكشف هذه التفاصيل عن حالة من التردد والقلق التي تسود السياسة الاقتصادية في المنطقة، حيث تسعى الدول المعنية إلى الحفاظ على توازن دقيق بين دعم الاقتصاد السوري والتزامها بالقوانين الدولية.
اقرأ أيضاً: خبير اقتصادي يشن هجوماً على حكومة دمشق بعد زيادة الرواتب الأخيرة
ومع أن قطر قد أبدت استعداداً لدعم النظام السوري في شكل تمويل لزيادة رواتب العاملين في القطاع العام، إلا أن المخاوف من انتهاك العقوبات الأمريكية لا تزال تحول دون اتخاذ خطوات عملية في هذا الاتجاه.
في النهاية، يظل السؤال الأهم قائماً: ماذا ستفعل االحكومة السورية لتحقيق تحسينات حقيقية في معيشة المواطنين؟ وهل سيكون بالإمكان تجاوز العقبات الاقتصادية والسياسية التي تحد من قدرة الدولة على تقديم الدعم للمواطنين في ظل الظروف الحالية؟