في خضم التغيرات السياسية التي شهدتها سوريا مؤخراً، برزت تساؤلات عدة حول مستقبل العقود والاتفاقيات المبرمة في عهد النظام السابق، ومن بين هذه العقود، برز عقد تشغيل ميناء طرطوس التجاري، الموقع مع شركة روسية، وتباينت التقارير حول مصير هذا العقد، ما أثار جدلاً واسعاً حول استمراريته، وطبيعة العلاقات السورية الروسية في ظلّ الحكم الجديد للبلاد.
أصل الحكاية
في يناير/كانون الثاني من العام الجاري 2025، أفادت مصادر إعلامية وتقارير بأن حكومة تصريف الأعمال قررت إلغاء العقد الموقع مع شركة «إس تي جي إنجينيرينغ – STG Engineering» الروسية، وما بعد ذلك ذكرت صحيفة «الوطن» السورية شبه الرسمية أن مدير جمارك طرطوس، رياض جودي، صرح بأن العقد أُلغي بسبب عدم التزام الشركة بالشروط المتفق عليها في عام 2019، والتي تضمنت استثمارات في تطوير البنية التحتية للميناء.
الشركة الروسية تنفي
لكن من جديد، نفت «إس تي جي» هذه الانباء كلّها، مؤكدةً استمرارها في تشغيل الميناء كالمعتاد. وأوضح دميتري تريفونوف Dmitry Trifonov، الرئيس التنفيذي للشركة، أن العقد لا يمكن إنهاؤه من جانب واحد، حيث يتطلب ذلك مصادقة من البرلمان والرئيس السوري.
وأضاف تريفونوف في حديثه لوكالة «رويترز» أن الشركة لم تتلق أي إخطار رسمي بإلغاء العقد، مشيراً إلى أن مثل هذه الإجراءات ستكون طويلة وبيروقراطية إذا ما تم اتخاذها.
في سياق متصل، ظهرت تقارير تشير إلى أن المشغل الروسي للميناء هي شركة «إس تي جي سترويترانسجاز – STG Stroytransgaz»، وهي شركة إنشاءات كبرى، إلا أن الأخيرة أصدرت بياناً أوضحت فيه أنها ليست ذات صلة تنظيمية أو قانونية بشركة «إس تي جي إنجينيرينغ»، المسؤولة عن عقد إدارة ميناء طرطوس.
محادثات «إيجابية للغاية» بين سوريا وروسيا
وبعيداً عن الجوانب التجارية، تجري روسيا حالياً محادثات مع السلطات السورية الجديدة بشأن مستقبل وجودها العسكري في البلاد. إذ تمتلك روسيا قاعدة بحرية في طرطوس وأخرى جوية في حميميم بالقرب من اللاذقية، وكانت قد دعمت القوات الروسية النظام السوري السابق لسنوات في مواجهة المعارض، ويبدو أن هناك رغبة في الحفاظ على هذه القواعد الاستراتيجية في المنطقة، لكن لا قرار نهائي حتى اللحظة.
وفي ظل التغيرات السياسية في سوريا، يبقى مستقبل العقود والاتفاقيات المبرمة مع روسيا موضوعاً قيد الدراسة والبحث، وهو متعلق بشكل العلاقات بين البلدين، والتي تشير التصريحات المتبادلة إلى كونها ستبقى علاقات جيدة كما كانت على الدوام بين الشعبين السوري والروسي.
اقرأ أيضاً: تفاصيل اتفاق الحكومة وقسد لاستئناف استجرار النفط والغاز
وكان قد أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن روسيا وسوريا تستعدان لإجراء لقاءات رفيعة المستوى خلال الفترة المقبلة، وخلال كلمة ألقاها أمام مجلس «الدوما» الروسي، أوضح لافروف: «نعتزم عقد اجتماعات جديدة على مستوى عالٍ مع شركائنا السوريين»، مشيراً إلى أن القيادة السورية الجديدة تشدد على أهمية الحفاظ على الطابع الاستراتيجي والتاريخي للعلاقات بين البلدين.
وفي حديثه، لفت لافروف إلى أن أحد أبرز التحديات التي تواجه دمشق حالياً يتمثل في تفادي تكرار السيناريو الليبي، حيث أدى تدخل حلف شمال الأطلسي إلى تفكك الدولة، ما جعل إعادة توحيدها أمراً بالغ الصعوبة. وأضاف أن هناك تهديدات مماثلة في سوريا، والقيادة الحالية تدرك خطورة ذلك.
اقرأ أيضاً: إجراءات جديدة لتسجيل العقارات والمركبات في سوريا
هذا ووصف لافروف زيارة الوفد الروسي إلى سوريا في كانون الثاني/يناير الماضي بأنها كانت مثمرة، مشيراً إلى أن المحادثات الأخيرة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الانتقالي أحمد الشرع، سبقتها زيارة وفد وزاري بقيادة نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الخاص للرئيس إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، ميخائيل بوغدانوف. وأوضح أن هذه الزيارة تمت قبل أيام من الاتصال الهاتفي بين بوتين والمسؤولين السوريين، وأسفرت عن نتائج «إيجابية للغاية» على حد تعبيره.