شهدت مدينة جرمانا في ريف دمشق أحداثاً أمنية متوترة خلال اليومين الماضيين، تصاعدت بشكل مفاجئ نتيجة اشتباكات مع عناصر الأمن العام، ما أدى إلى حالة من القلق سادت بين سكان المدينة، ودفعت بالقوى المحلية للتحرك العاجل لحل المشكلات والحفاظ على السلم الأهلي في المدينة… فماذا جرى؟ وما الحال في جرمانا الآن؟
تفاصيل الحادثة الأمنية في جرمانا
وفقاً لما نقلته وسائل الإعلام المحلية عن مدير مديرية أمن ريف دمشق، المقدم حسّان طحان، فقد بدأت الأزمة عندما قامت مجموعة من العناصر الأمنية التابعة لوزارة الداخلية بزيارة عائلاتهم في مدينة جرمانا. أثناء دخولهم «تم إيقافهم عند حاجز أمني تابع لما يُعرف بـ “درع جرمانا”، حيث تم منعهم من دخول المدينة مع أسلحتهم. وبعد تسليم أسلحتهم لأفراد الحاجز، تعرض هؤلاء العناصر للاعتداء الجسدي، إذ تم ضربهم وإهانتهم بالشتائم من قبل عناصر الحاجز».
ووفق طحّان، فإن «الأزمة تفاقمت عندما أقدم عناصر الحاجز المحلي على إطلاق النار بشكل مباشر على سيارة عناصر الأمن، ما أدى إلى وفاة أحدهم وإصابة آخر بجروح خطيرة. كما تم خطف العنصر المصاب من قبل العناصر الذين كانوا يسيطرون على الحاجز». وأعقب ذلك «هجوم على قسم الشرطة في المدينة، حيث تم طرد عناصر القسم، وإطلاق الشتائم عليهم وسحب أسلحتهم، ورغم محاولة الإنكار من قبل “درع جرمانا” في البداية، إلا أن العنصر المخطوف تم تسليمه في وقت لاحق بعد تدخل مجموعة من الوجهاء المحليين».
اقرأ أيضاً: وزارة الدفاع تتخذ إجراءات جديدة لمنع انتحال صفة الأمن العام
بيان أهلي يطالب بالمحاسبة الفورية
إثر هذا تصاعدت الأحداث، وبدء وجهاء المدينة بالعمل على الحل وتزامن ذلك مع وصول الشيخ ليث البلعوس إلى جرمانا قادماً من السويداء في محاولة لتهدئة الأوضاع والمساعدة في حل الأزمة. وبعد عمل حثيث ومشترك من قبل الوجهاء ونقاش الأمر مع السلطات المختصة، أصدر مشايخ المدينة بياناً مشتركاً، أدانوا فيه الحادثة واعتبروا ما جرى عملاً غير مقبول يتنافى مع العادات والتقاليد المحلية.
وأكد البيان أن الحادث وقع على يد «مجموعة غوغائية» لا تمثل ثقافة المدينة أو قيمها، ودعوا إلى محاسبة الجناة بشكل فوري، مؤكدين على عدم التساهل مع أي ممارسات تضر بسلامة المجتمع.
وقد عبر البيان عن تضامن المدينة مع أسرة الفقيد أحمد ديب الخطيب، الذي فقد حياته في الحادث، متمنين الشفاء العاجل للمصابين. كما شدد على ضرورة كشف ملابسات الحادث، وطالب بتسليم المجرمين إلى العدالة، مشيراً إلى أن هذا الحادث المؤلم لا يقتصر تأثيره على أسرة الضحية فقط، بل يطال المجتمع بأسره.
وشدد البيان على ضرورة رفع الغطاء عن أي فئات خارجة عن القانون، مؤكداً على إعادة تفعيل مركز ناحية جرمانا بأسرع وقت ممكن.
اقرأ أيضاً: كلاب شاردة تقتل الأطفال وتقض مضجع الأهالي في الغوطة الشرقية بريف دمشق
وعبر المجتمعون عن إصرارهم على أن جرمانا لم تكن يوماً سوى جزء من غوطة دمشق وأنها ستظل دائماً جزءاً من النسيج السوري. واعتبروا أن محاسبة جميع الأفراد الذين يسعون إلى بث الفتنة أو تأجيج الخلافات أمر بالغ الأهمية لضمان الوحدة الوطنية والحفاظ على سلامة المجتمع.
كما طالب البيان الجهات المعنية بفتح تحقيق شامل في الحادث الذي وقع في قسم شرطة الصالحية، والذي تضمن اعتداءات على أفراد من الأمن، وأكدت الدعوة إلى محاسبة المسؤولين عن سوء التعامل مع الأشخاص المكلفين بحل المشاكل، بما في ذلك إطلاق النار على هؤلاء المكلفين.
ختاماً، يشار إلى أن الهدوء عاد إلى المدينة صباح اليوم الأحد 2 آذار/مارس 2025، والأعمال تجري الآن بصورة طبيعية بعد ليلة صعبة وقاسية عاشها الأهالي، لكن هناك بعض المحال المغلقة وفق شهادة بعض أهالي الحي، فيما فضّل بعض أهالي الحي عدم إرسال أولادهم إلى المدرسة اليوم، وأعلنت بعض المدارس الخاصة في المدينة العطلة حفاظاً على سلامة الطلاب والكادر التعليمي.
وأثناء كتابة هذه المادة، نقلت وسائل الإعلام المحلية خبراً مفاده أنه تم الاتفاق على إعادة تفعيل عمل ناحية جرمانا ودخول عناصرها إلى المدينة، وقال مدير أمن محافظة ريف دمشق المقدم حسام طحان في تصريح له لوكالة الأنباء السورية «سانا»: «إن قوات الأمن بدأت الانتشار داخل مدينة جرمانا، وذلك بعد رفض المتورطين في اغتيال الشهيد بإذن الله أحمد الخطيب، العامل في وزارة الدفاع تسليم أنفسهم، حيث ستعمل على إلقاء القبض عليهم لتقديمهم للقضاء العادل».
وأضاف طحّان: «ستعمل قواتنا على إنهاء حالة الفوضى والحواجز غير الشرعية التي تقوم بها مجموعات خارجة عن القانون امتهنت عمليات الخطف والقتل والسطو بقوة السلاح» متابعاً: «المسلحين الخارجين عن سلطة الدولة رفضوا جميع الوساطات والاتفاقات». كما نوّه أنه لن تبقى بقعة جغرافية سوريّة خارج سيطرة مؤسسات الدولة، مشيراً إلى أن أهالي مدينة جرمانا كانوا متعاونين كثيراً في هذا الشأن وفق تعبيره للوكالة.