وسط المشهد السياسي المتغير في منطقة الشرق الأوسط، تستمر الجهود الدبلوماسية بين القوى الإقليمية والدولية في محاولة رسم مستقبل سوريا ما بعد سقوط سلطة الأسد. وفي هذا السياق، تستضيف العاصمة التركية أنقرة اليوم الاثنين 3 آذار/مارس 2025 اجتماعاً هاماً بين مسؤولين أتراك وبريطانيين لمناقشة القضايا الجوهرية المتعلقة بالوضع السوري، من الأمن والعقوبات إلى سبل إعادة الإعمار.
وفقاً لما نقلته مصادر دبلوماسية، فإن الاجتماع الذي يجمع بين نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز ووزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية هيميش فولكنر، سيبحث في عدد من الملفات الحساسة المتعلقة بسوريا. فمن أبرز النقاط التي ستُطرح للنقاش، مستقبل العقوبات المفروضة على سوريا، والدور التركي في إعادة إعمار البلاد، إضافة إلى التحديات الأمنية الناجمة عن التدخلات الخارجية.
ومن جهتها، أعلنت بريطانيا الشهر الماضي أنها بصدد إعادة النظر في العقوبات المفروضة على سوريا، مع الإبقاء على بعض الإجراءات مثل تجميد الأصول وحظر السفر على بعض الشخصيات المرتبطة بالنظام السابق.
أنقرة تدفع باتجاه رفع العقوبات ودعم الاستقرار
بحسب المصادر التركية، فإن أنقرة ستضغط خلال الاجتماع من أجل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، معتبرة أن ذلك يعد خطوة ضرورية لتمكين عمليات إعادة الإعمار وتعزيز التنمية الاقتصادية. وتشير التصريحات إلى أن تركيا ترى في العقوبات المستمرة عائقاً أمام الاستقرار الإقليمي، خاصة مع تنامي الحاجة إلى إصلاح البنية التحتية السورية وإنعاش الاقتصاد المحلي.
إضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يؤكد الجانب التركي على ضرورة دعم جهود المصالحة الوطنية التي تبذلها الحكومة السورية، باعتبارها ركيزة أساسية لضمان وحدة البلاد واستعادة السيادة الكاملة على أراضيها. كما ستشدد أنقرة على أهمية اتخاذ موقف دولي واضح ضد الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الأراضي السورية، والتي تشكل تهديداً لاستقرار المنطقة.
في سياق متصل، كشفت تقارير إعلامية عن محاولات «إسرائيلية» لإقناع الولايات المتحدة بالإبقاء على سوريا في حالة ضعف وانقسام، ودعوة روسيا بالحفاظ على وجودها العسكري في البلاد كوسيلة لموازنة النفوذ التركي المتزايد، وهذا ما يعكس تداخل المصالح الدولية في سوريا، حيث تسعى أطراف عدة إلى فرض رؤاها الخاصة على مستقبل البلاد.
وعلى صعيد البنية التحتية، أعلن وزير النقل والبنية التحتية التركي، عبد القادر أورال أوغلو، عن استكمال المرحلة الأولى من عمليات الإصلاح والصيانة في مطار دمشق، والتي شملت تركيب معدات جديدة تهدف إلى تحسين قدرات المطار التشغيلية. وهذه الخطوة تأتي ضمن المبادرات التركية لدعم إعادة الإعمار في سوريا، وتعكس التوجه الجديد لأنقرة في لعب دور أكثر تأثيراً في إعادة بناء البلاد.
تركيا وروسيا: رؤية مشتركة لمستقبل سوريا
وفي سياق متصل، كان قد أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي هاكان فيدان مؤخراً، على متانة التعاون بين موسكو وأنقرة بشأن سوريا. وأعرب عن تفاؤله بالتقدم المحرز في الجهود المشتركة لتسوية النزاع السوري، مشيراً إلى أن البلدين يعملان على وضع آليات جديدة لتعزيز الاستقرار في المنطقة.
كما شدد لافروف على ضرورة ضمان وحدة الأراضي السورية واستعادة الدولة لسيادتها الكاملة، مؤكداً أن تحقيق ذلك يتطلب تعاوناً دولياً أكبر ودعماً للحلول السياسية الشاملة. وفي هذا السياق، أشار إلى أهمية عقد مؤتمر وطني يضم مختلف القوى السياسية السورية، باعتباره خطوة رئيسية نحو بناء مستقبل مستدام للبلاد.