لم تكن أزمة النزوح السوري إلى لبنان يوماً قضية طارئة أو مؤقتة، بل تحولت مع مرور السنوات إلى أحد أكثر التحديات تعقيداً على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. واليوم، تعود هذه الأزمة إلى الواجهة مجدداً مع تسجيل موجات نزوح جديدة من الساحل السوري نحو الشمال اللبناني، تحديداً إلى منطقة عكار، حيث يتدفق الآلاف من العائلات السورية بحثاً عن الأمان بعد اندلاع مواجهات داخل سوريا.
تشهد الآن الحدود اللبنانية الشمالية تدفقاً غير مسبوق للاجئين السوريين، مع عبور الآلاف نحو القرى الحدودية في عكار. ووفقاً لمصادر محلية، فإن العائلات من مناطق الساحل السوري تواجه ظروفاً معيشية صعبة، حيث يضطر العشرات منهم للعيش في منزل واحد نتيجة الاكتظاظ الكبير في القرى المستضيفة.
وكان قد أشار النائب اللبناني سجيع عطية إلى أن الأعداد القادمة يومياً وصلت إلى نحو 10 آلاف شخص. وأوضح أن معظمهم يدخلون عبر المعابر غير الشرعية، خصوصاً بعد تدمير كيان الاحتلال الإسرائيلي للمعابر الرسمية الثلاثة: العريضة، العبودية، والبقيعة، ما زاد من تعقيد المشهد الأمني.
وفي ظل غياب دور الأجهزة الرسمية في ضبط الحدود، دعا عطية الدولة اللبنانية إلى التدخل العاجل عبر وضع آليات واضحة لتنظيم دخول النازحين، متحدثاً عن احتمال وصول مليون لاجئ سوري إضافي خلال الفترة المقبلة إلى لبنان.
اقرأ أيضاً: ردود الفعل الدولية والعربية على التطورات في الساحل السوري
عكار وطرابلس
لم تقتصر موجات النزوح الأخيرة على قرى عكار فحسب، بل امتدت إلى طرابلس، حيث وصل نحو ألفي نازح إلى منطقة جبل محسن خلال الأيام الماضية. وتشير مصادر مطلعة إلى أن منطقة عكار أصبحت عملياً «منطقة نازحة» بحد ذاتها، نظراً للكثافة السكانية المرتفعة التي يشكلها اللاجئون السوريون هناك.
اللاجئون السوريون في لبنان
وفقاً للبيانات الرسمية، فإن عدد النازحين السوريين المسجلين في لبنان يتجاوز المليونين، ورغم تسجيل عودة نحو 300 ألف منهم بعد التطورات الأخيرة للأوضاع في سوريا، إلا أن الكثير منهم عاد مجدداً إلى لبنان بسبب التدهور الاقتصادي في البلاد.
اقرأ أيضاً: ما الذي حدث في الساحل السوري؟
وقد حاولت الحكومة اللبنانية السابقة الدفع بملف العودة، حيث قام رئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي بزيارة إلى دمشق مطلع العام الجاري، التقى خلالها الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع، لكن دون تحقيق أي نتائج ملموسة. كما ناقش رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون القضية ذاتها مع القيادة السورية خلال اجتماع جامعة الدول العربية في مصر، حيث تم الاتفاق على تشكيل لجان مشتركة لضبط الحدود ومراقبة عمليات النزوح.