في قلب دمشق، حيث يختلط التاريخ بالواقع، شهدت ساحة المرجة حدثاً غير متوقع كسر صمت الاحتجاج وأشعل شرارة مواجهة بين الحاضرين.. ما بدأ كوقفة صامتة، انتهى بتوتر وتصعيد، ليطرح تساؤلات حول طبيعة التعبير عن الرأي في المشهد السوري المعقد.
مع دقات الساعة الثالثة ظهراً من يوم الأحد 9 آذار/مارس 2025، تجمّع عدد من الناشطين في ساحة المرجة، أمام مبنى وزارة الداخلية، في وقفة صامتة تهدف إلى التنديد باستهداف المدنيين في الساحل السوري، وكذلك لإدانة الاعتداءات التي طالت عناصر الأمن العام، وفق ما أفاد به مراسل «سوريا اليوم 24» الذي كان ضمن الحدث.
كانت الوقفة سلمية في بدايتها، ولم تحمل أي شعارات سياسية مباشرة، بل اقتصرت على رسالة واضحة تطالب بوقف العنف، مما أثار فضول بعض المتواجدين في الساحة الذين اقتربوا لمعرفة المزيد عن دوافع المحتجين وأسباب تجمعهم.
جدل يتحول إلى صدام لفظي
لم تمضِ دقائق حتى اشتعل نقاش بين أحد منظمي الوقفة وشخص من المارة، بدأه الأخير بسؤال استفزازي: «أين كنتم عندما كنا نموت على يد نظام الأسد؟» هذا السؤال أثار حفيظة بعض المحتجين، وهو الأمر الذي أعقبه أخذٌ ورد، ليسود التوتّر بين المجموعتين، فيردّ أحد الموجودين داخل الوقفة بأنّ الآخر «شبيح»، وهو ما زاد حدّة التوتر في المكان.
اقرأ أيضاً: أرصفة ساحة المرجة بدمشق تحولت إلى فندق وافتراش الرصيف أصبح بمقابل!
تطوّرت المناوشات اللفظية سريعاً، ومع ازدياد الحدة، بدأت مجموعة من المدنيين المتواجدين في الساحة بتنظيم مظاهرة مضادة، وقد رفع بعضهم شعارات ذات طابع طائفي، بينما هتف آخرون تأييداً للرئيس أحمد الشرع.
تحول الوقفة إلى شجار مفتوح
لم يقتصر الأمر على تبادل العبارات الحادة، بل تحوّل إلى اشتباكات جسدية بعد الاعتداء من قبل المتفرجين على أحد المشاركين في الوقفة الصامتة. وسط هذه الفوضى، تعالت هتافات تدعو للوحدة الوطنية، مثل: «واحد واحد واحد، الشعب السوري واحد»، في محاولة من البعض لتهدئة التوتر.
لكن الأوضاع لم تستقر، ممّا استدعى تدخلاً أمنياً سريعاً، وإطلاق النار في الهواء لتفريق المتشاجرين. ورغم أن ذلك نجح مؤقتاً، إلا أن الصدامات استؤنفت مرة أخرى، مما دفع لإطلاق النار مجدداً.
اقرأ أيضاً: فنادق نجمة واحدة وسط دمشق: أسعار مناسبة وخدمة ممتازة
هوية العناصر الأمنية غير واضحة
في خضم الفوضى، لم يتمكن الشهود من تحديد الجهة التي تدخلت لإنهاء الشجار، إذ أفادت بعض الروايات بأنها تابعة للشرطة، بينما رجحت مصادر أخرى أنها تنتمي إلى قوات الأمن العام.
في النهاية، انتهت الوقفة كما بدأت، لكن بصدى مختلف تماماً، ومشاعر محبطة يشوبها فقدان الأمل، فقد عكّرت الاشتباكات التي جرت صمت الوقفة، وعكست التوترات المتراكمة في الشارع السوري، فيما عكّرت الأصوات الطائفية صفو النفوس التي هبّت لتقول لا مكان للطائفية والعنف في سوريا.