أعلن اتحاد الصحفيين في سوريا عن إطلاق آلية محدثة وشاملة لتنظيم عملية الانتساب إليه، في محاولة لفتح صفحة جديدة للعمل الإعلامي في البلاد.
وقد تم تصميم الآلية الجديدة لتكون أكثر مرونة وسهولة في الوصول، حيث تتيح للصحفيين الراغبين بالانضمام أو تجديد عضويتهم تقديم طلباتهم عبر منصة إلكترونية أو بشكل ورقي مباشر، وذلك في محاولة لمواكبة التطورات الرقمية وتسهيل الإجراءات على العاملين في القطاع الإعلامي داخل سوريا وخارجها.
شروط الانتساب الجديدة ومعايير القبول
كشف الاتحاد عن تفاصيل الشروط والمعايير المعتمدة لقبول الأعضاء الجدد وتجديد قيود الأعضاء السابقين، ويعد الشرط الأساسي الأول هو حمل المتقدم للجنسية العربية السورية، وهو معيار ثابت يعكس هوية الاتحاد الوطنية.
بالإضافة إلى ذلك، يشترط على المتقدم إثبات ممارسته للعمل الصحفي بشكل فعلي لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، وهذه الخبرة يجب أن تكون مكتسبة ضمن إحدى وسائل الإعلام المعترف بها، سواء كانت مسموعة أو مقروءة أو مرئية، مما يضمن أن يكون المنتسبون من ذوي الخبرة والكفاءة المهنية في المجال.
وفيما يتعلق بالمؤهل العلمي، فقد تم تحديد الشهادة الثانوية العامة كحد أدنى للمستوى التعليمي المطلوب للانتساب، ومع ذلك، أكد الاتحاد أن درجة العضوية التي سيحصل عليها الصحفي لن تكون موحدة، بل سيتم تصنيفها وتحديدها بناءً على عدد سنوات الخبرة المهنية والمؤهلات العلمية الأعلى التي يحملها المتقدم، وهذا التصنيف يهدف إلى تقدير الخبرات والكفاءات المتفاوتة بين الصحفيين ويعكس التدرج المهني داخل الاتحاد.
أما بالنسبة لعملية تقديم الطلبات فقد أصبحت أكثر يسراً، حيث يمكن للصحفيين تعبئة الاستمارة المخصصة لذلك إلكترونياً، والتي تم نشرها على الحسابات الرسمية للاتحاد عبر منصات التواصل الاجتماعي، أو يمكنهم اختيار الطريقة التقليدية عبر تقديم استمارة ورقية مباشرة في المكتب الرئيسي للاتحاد الكائن في العاصمة دمشق.
وستتولى “لجنة القيد والقبول” المشكلة ضمن الاتحاد مسؤولية مراجعة ودراسة جميع الطلبات المقدمة، سواء كانت إلكترونية أو ورقية، وذلك من خلال التحقق الدقيق من صحة البيانات والمعلومات والوثائق المرفقة بالطلب للتأكد من استيفاء المتقدم لجميع الشروط المطلوبة.
وبعد مرحلة التدقيق، يتم إبلاغ المتقدمين بنتيجة طلباتهم، سواء بالقبول المبدئي أو الرفض مع ذكر الأسباب إن أمكن، وبالنسبة للطلبات التي تحظى بالموافقة المبدئية، سيتم التواصل مع أصحابها لإتمام عملية تثبيت القيد رسمياً في سجلات الاتحاد.
كما تتضمن هذه العملية مرحلة لاحقة تشمل إجراء مقابلات شخصية مع المتقدمين، تكون على شقين: مقابلة كتابية لتقييم القدرات التحريرية والمهنية، ومقابلة شفوية لمناقشة الخبرات والرؤى الإعلامية.
وبعد اجتياز هذه المرحلة بنجاح، يتم تحديد موعد لسداد الرسوم السنوية المقررة للعضوية، والتي تختلف قيمتها بناءً على درجة العضوية والتصنيف المهني، وفور استكمال هذه الإجراءات وسداد الرسوم، يمنح الصحفي بطاقة عضوية جديدة وحديثة تثبت انتسابه الرسمي للاتحاد.
اقرأ أيضاً: اتحاد الصحفيين السوريين.. هل يعيد المكتب المؤقت صياغة مستقبل الإعلام؟
إعادة تسجيل شاملة وإلغاء البطاقات القديمة
أكد الاتحاد على نقطة جوهرية تتعلق بجميع الصحفيين الذين كانوا منتسبين للاتحاد ومسجلين في جداوله قبل تاريخ الثامن من كانون الأول عام 2024، فهؤلاء الأعضاء ملزمون جميعاً بإعادة تعبئة الاستمارة الجديدة، سواء بالشكل الإلكتروني أو الورقي، وذلك بهدف التحقق من بياناتهم وتحديثها وفقاً للآلية المستحدثة.
ويأتي هذا الإجراء في سياق التأكيد على أن جميع بطاقات العضوية القديمة الصادرة قبل هذا التاريخ تعتبر الآن بحكم الملغاة ولم تعد صالحة للاستخدام أو الاعتراف بها، وهذه الخطوة ضرورية لضمان دقة سجلات الاتحاد وتوافقها مع المرحلة الجديدة.
وأوضح الاتحاد أن باب التسجيل مفتوح أيضاً للصحفيين الذين لم يسبق لهم الانتساب للاتحاد قبل هذا التاريخ، مما يتيح الفرصة لضم كفاءات جديدة، حبث تشمل الآلية الجديدة جميع الصحفيين السوريين العاملين في مختلف المحافظات السورية، كما أنها تفتح الباب أمام الصحفيين السوريين المقيمين خارج البلاد للانتساب، شريطة استيفائهم للشروط المطلوبة، وعلى رأسها شرط ممارسة العمل الصحفي لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، سواء كانت هذه الخبرة قد اكتسبت داخل سوريا أو خارجها، وهذا التوجه يعكس رغبة الاتحاد في لم شمل الصحفيين السوريين أينما كانوا.
وفيما يتعلق بالرسوم السنوية للعضوية، أشار الاتحاد إلى أنه لم يتم تحديد مبالغ مالية ثابتة ونهائية في المرحلة الحالية التي تقتصر على استقبال الطلبات وتدقيقها، ولكن، سيتم لاحقاً اعتماد نظام اشتراكات متفاوتة القيمة، وعند تحديد هذه الرسوم، ستأخذ اللجنة بعين الاعتبار عدة عوامل، منها طبيعة الجهة الإعلامية التي يعمل بها الصحفي (حكومية، خاصة، مستقلة)، طبيعة المهنة التي يمارسها ضمن الحقل الإعلامي، ومستوى الدخل، وذلك بهدف تحقيق قدر من العدالة والمراعاة للظروف المختلفة للعاملين في القطاع.
وتأتي هذه الإجراءات التنظيمية الجديدة في أعقاب صدور قرار رئاسة مجلس الوزراء في سوريا، القرار رقم 53 لعام 2025، في شهر شباط الماضي، الذي قضى رسمياً بحل المؤتمر العام لاتحاد الصحفيين السوريين الذي كان مقره في دمشق، وتشكيل “مكتب مؤقت” يتولى تسيير أعمال الاتحاد المنحل وإعادة هيكلته، برئاسة محمود الشحود، وعضوية كل من: إسماعيل الرج، محمود أبو راس، ميلاد فضل، ماجد عبد النور، علي الأمين، وبراء العثمان.
ويعمل هذا المكتب حالياً وفقاً لأحكام قانون اتحاد الصحفيين رقم 1 لعام 1990، وتعتبر الآلية الجديدة للانتساب إحدى أولى الخطوات العملية التي يتخذها المكتب المؤقت في إطار مهمته لإعادة بناء الاتحاد وتنظيمه.
نحو مشهد إعلامي متغير؟ مقارنة مع قيود الماضي
خلال العقود الماضية، وتحديداً في ظل حكم الرئيس الفار بشار الأسد، كان ينظر إلى اتحاد الصحفيين السوريين، كغيره من النقابات والاتحادات المهنية، على أنه يخضع لسيطرة وتوجيه الحزب الحاكم والسلطة التنفيذية.
وكانت شروط الانتساب، وإن بدت شكلية في بعض الأحيان، مرتبطة في جوهرها بمدى قرب الصحفي أو المؤسسة التي يعمل بها من الخط الرسمي للدولة.
وتشير العديد من التقارير والمصادر إلى أن الاتحاد كان يستخدم كأداة لضبط المشهد الإعلامي ومراقبة حركة الصحفيين وتوجهاتهم، بدلاً من أن يكون مظلة حقيقية للدفاع عن حقوقهم وحرياتهم المهنية.
فالسيطرة الحكومية الصارمة على معظم المؤسسات الإعلامية الكبرى، وخاصة خلال سنوات الحرب التي بدأت عام 2011، كانت تعني أن الانتساب للاتحاد كان يتطلب غالباً العمل ضمن هذه المؤسسات الرسمية أو شبه الرسمية، وفي كثير من الأحيان الحصول على موافقات أمنية ضمنية أو صريحة، والولاء للنظام السياسي كان يعتبر معياراً أساسياً غير مكتوب، حيث وصف الإعلام الرسمي في كثير من الأحيان بأنه جزء من “آلة الدعاية” الحكومية.
وقد واجه الصحفيون المستقلون أو العاملون مع وسائل إعلام معارضة أو دولية قيوداً شديدة وملاحقات أمنية، مما جعل فكرة انتسابهم للاتحاد الرسمي أمراً شبه مستحيل وخطراً في آن واحد.
ومع التغيرات التي شهدتها سوريا مؤخراً وسقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، بدأت تظهر ملامح مرحلة انتقالية تسعى لإعادة تشكيل المؤسسات، ومن ضمنها اتحاد الصحفيين، فالآلية الجديدة التي أعلن عنها المكتب التنفيذي المؤقت قد تمثل محاولة للانتقال نحو نموذج أكثر مهنية وشفافية، يركز على الخبرة والمؤهل العلمي كمعايير أساسية بدلاً من الولاء السياسي.
ومع ذلك، يبقى الحكم النهائي على مدى فعالية وجدية هذا التغيير مرهوناً بالتطبيق العملي لهذه الآلية، وبمدى استقلالية لجنة القيد والقبول، وبطبيعة البيئة الإعلامية والسياسية التي ستتشكل في سوريا خلال الفترة القادمة.
اقرأ أيضاً: معرض بيلدكس يشرع أبوابه أمام المستثمرين لإعادة الإعمار