انطلقت فعاليات مؤتمر خصب الاقتصادي من قلب بيت دمشقي عتيق (بيت فارحي) في دمشق القديمة لإعلان أولى خطواته اتجاه تمكين الشباب السوري في الداخل والخارج لمشاركتهم في إعادة بناء سوريا الحديثة التي يطمح كل السوريون لرؤيتها.
افتتحت فرقة غاردينيا الموسيقية أعمال مؤتمر خصب الاقتصادي، وبمشاركة وزير الاتصالات السوري عبد السلام هيكل تم طرح المعوقات التي كانت تواجه المستثمرين السوريين من المحسوبيات والمنتفعين، والحاجة الملحة إلى تفعيل دور التكنولوجيا والتقنية في كافة المرافق الحكومية وغير الحكومية لتواكب التطور الحاصل في العالم.
ووجه الوزير هيكل كلمة للمشاركين في المؤتمر باعتبارهم شركاء في إعادة بناء الوطن ومساهمين فاعلين في تخطي العقبات التي تعترض طريق الاقتصاد السوري، وحثهم على المشاركة في إنعاشه وإعادة الأمل للسوريين في اقتصاد بلدهم.
شكّلت انطلاقة مؤتمر خصب الاقتصادي نواة للتواصل بين المستثمرين السوريين والأجانب مع الشباب السوري المتحمس للعمل والمستثمرين السوريين في الداخل الراغبين بالمشاركة في بناء ما تم تدميره، وذلك ما أكدته رائدة الأعمال نادين عبود المشاركة في تنظيم مؤتمر خصب، والتي أشارت إلى أهمية تفعيل الجانب الاقتصادي في البلاد لأنه الجانب الأكثر أهمية بالنسبة للمواطنين.
كما أشادت عبود بالحماس الكبير الذي أبداه الشباب السوري للمشاركة في أي تفصيل يساهم في إعادة بناء سوريا بالتعاون مع مستثمرين آسيويين وعرب وسوريين، إذ ضم المؤتمر متحدثين من كافة الدول، ووجهت دعوة لكل مغترب أن يساعد في بناء وطنه ولو بفكرة صغيرة.
تناول مؤتمر خصب الاقتصادي مجالات عديدة تشكل الحجر الأساس لبناء اقتصاد قوي ومتماسك في ظل الانهيار في معظم مؤسساته، ولعل الحوكمة من أبرز القطاعات التي تم التركيز عليها في المؤتمر، هذا ما أشار إليه الدكتور رضوان زيادة مدير المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية، والذي أشار أيضاً أن مؤتمر خصب الاقتصادي سيشكل البوابة الرئيسية لدخول المغتربين السوريين إلى الواقع الاقتصادي والتقني في سوريا.
شكل مؤتمر خصب الاقتصادي فرصة لاستكشاف الفرص التي من الممكن استغلالها لتفعيل دور الشباب في إعادة بناء وطنهم، فقالت إحدى المشاركات السوريات في المؤتمر أن قدومها إلى سوريا من كندا جاء بدافع وطني لمعرفة ما يمكن تقديمه في مجال التكنولوجيا المختصة فيه، وفي الوقت نفسه التعرف على المصاعب والعقبات التي تواجههم والتعرف على سلم الأولويات لديهم في المرحلة الراهنة، والجدير بالذكر أن مؤتمر خصب الاقتصادي أقام مؤتمراته في عدد من المحافظات السورية، ويعد منصة إلكترونية رائدة تنظمه مجموعة من الشباب السوريين المغتربين والمحليين.
فائدة هذه المؤتمرات والمبادرات من الناحية الاقتصادية
لعل أبرز سؤال يمكن أن يطرحه أي قارئ هو عن مدى استفادة سوريا من هذه المؤتمرات والمبادرات الاقتصادية، ولعل أيضاً أفضل جواب هو أن هذه المبادرات تفتح المجال أمام المغتربين والمستثمرين للعودة إلى بلدهم والاستثمار فيها مما يساهم في تحسن الليرة السورية، بالإضافة إلى توفير شواغر وظيفية للشباب في داخل البلد، وهذا ما أشار إليه عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور علي كنعان، بالإضافة إلى تحويلات المغتربين التي تساهم بنحو 3 مليارات دولار سنوياً في الاقتصاد السوري.
ومن ناحية أخرى تشكل الموارد المالية والمعلوماتية للمغتربين رافداً أساسياً في إعادة بناء مؤسسات الدولة المتهالكة، وفتح مشاريع اقتصادية تساهم في زيادة فرص العمل لفئة الشباب السوري في الداخل، وتشكل فرصة لنقل هذه الخبرات إلى السوريين الذين يفتقرون لهذه الخبرات، وعبر المؤتمرات والمبادرات التي تقوم بها الجاليات السورية القادمة من الخارج يمحن تحقيق النقاط السابقة التي تحدثنا عنها، وهذا ما أشارت إليه قناة العربية في إحدى مقالاتها عن الاقتصاد السوري بعد سقوط النظام.
هناك فرصة كبيرة أمام السوريين للنهوض بالواقع الاقتصادي مع هذه المبادرات، فإحدى الدراسات الأجنبية “شركة كارافان كابيتال مانجمنت Caravan Capital Management” تشير إلى أن الدول التي شهدت صراعات مثل سوريا لأعوام طويلة، زادت انتعاشاتها الاقتصادية 26% بعد انتهاء الصراع مقارنة بفترة الحرب التي تناقصت إلى أقل من 25%، كما تخسر الدول المشابهة لوضع سوريا أكثر من 29% من عوائدها خلال فترة الحرب. ومن جانب آخر تُظهر هذه الإحصائيات توفر الفرص أمام الناشطين الاقتصاديين بالظهور في المشهد الاقتصادي بعد انتهاء الحرب.
لكن هذه الانتعاشات الاقتصادية تحتاج إلى شروط معينة في سوريا، فلا يمكن أن يكون هناك اقتصاد دون استقرار أمني، وتفاوض مع أطراف النزاع، لتحقيق التشجيع الأمثل للمستثمرين السوريين والعرب للعودة إلى سوريا وإنفاق أموالهم في إعادة البناء.
تمثل المؤتمرات والمبادرات مثل مؤتمر خصب الاقتصادي وشبيهاته نبذة عن رغبة السوريين في الداخل والخارج بالنهوض في واقع بلادهم المدمر، ورؤية سوريا في أفضل صورة وفي مقدمة البلدان العربية، ولتفعيل الطاقات الشبابية المتحمسة للعمل والبناء.
اقرأ أيضاً: 100رجل أعمال سوري في مؤتمر تجمع سوريا الوطني