وسط التحولات الجيوسياسية المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط، برزت مبادرة تركية جديدة تسعى إلى تشكيل آلية إقليمية مشتركة تضم خمس دول: تركيا، سوريا، العراق، لبنان، والأردن.. فما هي تفاصيل هذه المبادرة وإلام تهدف؟!
مؤخراً، أعلن نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماز، عن تشكيل آلية إقليمية جديدة تضم الدول الخمس المذكورة سابقاً. ووفق المعلن، تهدف هذه الآلية إلى مواجهة الدور المزعزع للاستقرار الذي يلعبه الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، وتوفير أدوات دعم وتنسيق لمساعدة سوريا في بناء قدراتها الأمنية والسياسية.
ومن المقرر أن يكون مركز التنسيق الخاص بهذه الآلية في سوريا، مع تأكيد يلماز على أن جميع المتطلبات المتعلقة بمهامها ستصدر عن الجانب السوري.
تركيا وسوريا: نحو شراكة استراتيجية جديدة
وحتى لحظة كتابة هذا المقال، لم يصدر أي تصريح بخصوص الأمر من الجانب السوري أو تعليق عليه، لكن في خطوة تعكس تحولاً في العلاقات بين أنقرة ودمشق، كشف السفير التركي لدى سوريا، برهان كور أوغلو، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعتزم زيارة دمشق في المستقبل القريب، وذلك للمرة الأولى منذ سقوط سلطة بشار الأسد.
وأشار كور أوغلو إلى أن تركيا كانت أول دولة تعيد فتح سفارتها في دمشق بعد استلام الإدارة السورية الجديدة، مؤكداً على دعم تركيا المتواصل للإدارة السورية الجديدة وإعادة بناء المؤسسات السورية.
تصاعد الخلافات حول سوريا
بالتوازي، شهدت العلاقات التركية – «الإسرائيلية» توتراً متزايداً في الآونة الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بالوضع في سوريا. فقد استهدفت غارات إسرائيلية قاعدة «التيفور» الجوية في سوريا، ما دفع وزير خارجية الاحتلال، جدعون ساعر، إلى اتهام تركيا بمحاولة فرض وصاية على سوريا.
لكن وبإطار الرد على ذلك، أكدت تركيا أن لا أطماع لها في سوريا، وأن جلّ ما تفكر فيه هو سيادة الاستقرار فيما، وخلال مؤتمر صحفي له في ختام منتدى أنطاليا الدبلوماسي، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان Hakan Fidan أن أولوية تركيا في سوريا «كانت ولا تزال تحقيق الاستقرار والأمن»، داعياً جميع الأطراف، داخل سوريا وخارجها، إلى الالتزام بأقصى درجات الحذر وتجنب أي خطوات استفزازية قد تؤدي إلى تفاقم الوضع.
وانتقد فيدان عمليات الكيان «الإسرائيلي» داخل سوريا، معتبراً أنها لا تخدم الاستقرار بل «تسهم في تعميق حالة عدم الاستقرار»، مؤكداً أن مساهمة تركيا في تلبية الاحتياجات الأمنية داخل الأراضي السورية واضحة ومعلومة.
بيدرسون أيضاً: استقرار المنطقة مهدّد!
وفي السياق ذاته، دعا المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون Geir Pedersen، مجلس الأمن الدولي إلى ضمان وفاء «إسرائيل» بالتزاماتها بشأن وجودها المؤقت في المنطقة العازلة بسوريا، واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها ووحدتها واستقلالها، ما يعد إشارة إضافية على وجود ضغوط دولية على الكيان، رغم أنها تبدو خجولة حتى الآن، ولا ترقى إلى المستوى المطلوب مع سلوك يهدد استقرار المنطقة حسب كلام بيدرسون نفسه! إذ يقول الأخير إن «(إسرائيل) تواصل هجماتها على مناطق مختلفة من سوريا، الأمر الذي يهدد الاستقرار في المنطقة».
اقرأ أيضاً: «إسرائيل» واتفاقيات «تجنب الاشتباك»: هل ستشهد سوريا ترتيبات إقليمية جديدة؟
ختاماً، تشير التطورات الأخيرة إلى وجود تحوّل في موازين القوى والتحالفات في منطقة «الشرق الأوسط»، خصوصاً مع سعي تركيا إلى تعزيز دورها الإقليمي من خلال تشكيل الآلية الإقليمية الجديدة التي جرى الحديث عنها، لتبقى الآمال بأن يأتي يوم تكون فيه السماء السورية عصيّة على طائرات العدوّ، المسيّرة منها والتقليدية، والتي لا تطرب لها لا أسماع أهل البلاد.