سجلت سوريا تقدمًا ملحوظًا على خارطة السفر الإقليمية، حيث ارتفعت 30 مركزًا لتصل إلى المرتبة العاشرة بين أبرز وجهات المسافرين من الشرق الأوسط خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025.
وهذا التحول، الذي رصدته منصة “ويجو”، يعكس بداية فك العزلة التي فرضتها ظروف الحرب والعقوبات الدولية على قطاع الطيران المدني السوري.
وبحسب التقرير الصادر عن “ويجو”، والذي يستند إلى بيانات حجوزات الطيران والفنادق لملايين المستخدمين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جاء هذا الصعود نتيجة مباشرة لاستئناف الرحلات الجوية الدولية من مطاري دمشق وحلب خلال الربع الأول من العام.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات تمثل خطوة إيجابية نحو انتعاش تدريجي لقطاع السفر والسياحة في البلاد، بعد سنوات من التراجع والتحديات الكبرى.
توسع جوي وانفتاح إقليمي يعزز حركة السفر
شكل استئناف الرحلات الجوية الدولية خطوة محورية في إعادة ربط سوريا بالعالم، ففي يناير 2025، استأنفت الخطوط الجوية القطرية رحلاتها إلى مطار دمشق الدولي بمعدل ثلاث رحلات أسبوعيًا، مسجلة نسبة إشغال أولية بلغت 90%، مما يعكس الطلب المرتفع على السفر من وإلى سوريا.
وفي آذار، شهد مطار حلب الدولي أيضًا عودة الرحلات الدولية.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات استئناف الرحلات مع سوريا، حيث هبطت أول طائرة قادمة من دمشق في نيسان 2025، مؤكدةً استعادة الربط الجوي المباشر بين البلدين.
كما شهد الشهر نفسه زيارة وفد من الهيئة العامة للطيران المدني السعودية إلى مطار دمشق الدولي، في خطوة وصفتها السلطات السورية بأنها تمهيد لإعادة تشغيل رحلات الناقلات الوطنية السعودية.
وبالتزامن مع ذلك، كثفت شركات إقليمية، مثل الملكية الأردنية، رحلاتها إلى دمشق وحلب.
ويتماشى هذا الانفتاح مع توجه عربي أوسع لإعادة دمج سوريا إقليميًا، حيث أعلنت السعودية وقطر عن سداد متأخرات سوريا لمجموعة البنك الدولي، والبالغة حوالي 15 مليون دولار، مما يفتح الباب أمام استئناف النشاط الدولي للمؤسسة في البلاد بعد أكثر من 14 عامًا من الانقطاع.
وهذا الدعم المالي والفني يوفر لدمشق فرصًا جديدة لإعادة بناء القطاعات الحيوية ودفع عجلة التنمية، في ظل زخم دبلوماسي متصاعد تجسد في لقاءات متبادلة بين مسؤولين سوريين وقطريين خلال الأشهر الماضية.
اقرأ ايضاً: وفد من منظمة “الإيكاو” بدمشق لتطوير قطاع الطيران السوري
تحديات قائمة وفرص واعدة للنهوض بقطاع السياحة
رغم المؤشرات الإيجابية، لا يزال التعافي الكامل لقطاع السفر والسياحة في سوريا يواجه عقبات كبيرة، فالبنية التحتية للمطارات، خاصة مطار دمشق الدولي، تحتاج إلى عمليات تأهيل شاملة لتواكب المعايير الدولية.
وفي هذا السياق، وقعت هيئة الطيران المدني السوري اتفاقًا مع منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو) في آذار الماضي لتطوير القدرات الجوية والبنية التحتية، مما يمهد لعودة اندماج سوريا في شبكة النقل الجوي العالمية.
كما أبدت دول مثل تركيا وقطر اهتمامًا بالمساهمة في إعادة إعمار المطارات.
ولا تزال العقوبات الغربية المفروضة على الحكومة السورية تشكل تحديًا كبيرًا، إلى جانب العقبات اللوجستية والأمنية في بعض المناطق.
ومع ذلك، فإن ارتفاع معدلات البحث عن الوجهات السورية عبر منصات السفر، وزيادة أعداد الوافدين لأغراض زيارة العائلات والأعمال، يمنح القطاع دفعة قوية نحو التعافي.
وفي الوقت الحالي، تعتمد سوريا على شركتي طيران رئيسيتين: “السورية للطيران” و”أجنحة الشام” الخاصة، واللتان توسعان تدريجيًا شبكتهما الإقليمية.
ومع تحسن الظروف التشغيلية وزيادة التفاهمات الإقليمية، من المتوقع أن ترتفع وتيرة الرحلات الجوية، خاصة نحو دول الخليج العربي.
وتوقعت منصة “ويجو” في بيان لها أن تستمر سوريا في التقدم ضمن التصنيف داخل المراكز العشرة الأولى خلال الربع الثاني وما تبقى من عام 2025.
وهذه العودة التدريجية إلى المشهد السياحي الإقليمي، مدعومة بإرثها التاريخي والثقافي الغني في مدن مثل دمشق، حلب، وتدمر، قد تشكل انطلاقة جديدة للقطاع السياحي، مما يسهم في دفع عجلة التعافي الاقتصادي الأوسع في البلاد.
اقرأ أيضاً: تركيا تبدأ بتحديث مطار دمشق الدولي لتعزيز سلامة الطيران