دمشق توجه نقداً “ناعماً” لسياسة الإمارات في التطبيع مع إسرائيل

الخميس 11 شباط/فبراير 2021

سوريا اليوم – دمشق

ما زالت الحكومة السورية تتجنب إصدار موقف رسمي يحمل انتقاداً علنياً صريحاً لاتفاقات تطبيع العلاقات التي وقعتها عدد من الدول العربية مع إسرائيل مؤخراً، وهي الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.

إلا أن مؤسسات تابعة للنظام السوري توجه بين الحين والآخر نقداً غير مباشر لخطوات التطبيع، دون ذكر الدول المعنية بالاسم، ومثال ذلك البيان الصادر اليوم الخميس عن “اتحاد علماء بلاد الشام” الموالي لدمشق، والذي حذر “مما تروج له الصهيونية والماسونية لاختراق المجتمعات العربية والإسلامية من خلال مخطط ما يسمى “البيت الابراهيمي” وعبر السياحة الاقتصادية والدينية”، حسب ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

ويشير البيان المذكور إلى اعتزام الإمارات إقامة “بيت إبراهيمي” لصلوات الأديان السماوية الثلاثة (الإسلام، المسيحية، اليهودية).

ولم تصدر عن دمشق خلال الفترة الماضية مواقف تنتقد الدول العربية المذكورة، في ظل تسريبات كثيرة تتحدث عن العلاقات الجيدة التي يقيمها النظام السوري مع الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، اللتين تحتفظان بسفارتيهما في العاصمة السورية.

وتداولت مصادر إعلامية في الآونة الأخيرة تقارير غير مثبتة تتحدث عن فتح النظام السوري قنوات للتفاوض مع إسرائيل عبر دولة الإمارات، وكذلك محاولة استمالة الإمارات لدعم عودة سوريا إلى الحضن العربي، بحجة الابتعاد عن إيران.

ولكن بيان “اتحاد علماء بلاد الشام” اليوم حمل تحذيراً واضحاً من مشروع “البيت الإبراهيمي” مؤكداً أن هذه المخططات “مرفوضة من الناحية الشرعية والاجتماعية والثقافية كونها تهدف إلى تفكيك الأديان وتمييع الثوابت واختراق الشرائع”.

وقال البيان الذي اهتمت به “سانا” إنه “يجب الحذر من المخططات التي تخدم هذا الهدف موضحا أن الهدف الحقيقي من وراء كل ذلك هو تبرير التطبيع بين الدول العربية والكيان الصهيوني وإظهار هذا التطبيع على أنه مظهر ديني فكري ينشر السلم في المنطقة”.

ولفت الاتحاد إلى أن الإنسانية تواجه اليوم مكراً صهيونياً خبيثاً “لاختطاف الأديان والثوابت تمهيداً للسيطرة على العالم” وهذا ما ينبغي أن يتصدى له جميع المؤمنين بالشرائع السماوية، مؤكداً أن “هذا المخطط لن يمر ولن يسمح به المؤمنون المخلصون والحريصون على أوطانهم ومجتمعاتهم ولكن الخطورة من أن ينجرف بعض الأفراد وبعض المجتمعات إلى هذه الضلالات والآفات لذلك ينبغي الحذر عند الحديث عن الحقائق والثوابت الدينية”.

وتأسس “اتحاد علماء بلاد الشام” في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 في دمشق برعاية وزارة الأوقاف السورية، ويضم في عضويته علماء في الدين الإسلامي من سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، وترأسه عند تأسيسه د. محمد سعيد رمضان البوطي من سوريا، وتم اختيار 3 نواب له هم: السيد عباس الموسوي من لبنان والشيخ تيسير التميمي من فلسطين ود. محمد هشام سلطان من الأردن.

وهذه ليست المرة الأولى التي توجه فيها جهات سورية رسمية أو شبه رسمية “نقداً ناعماً لسياسة الإمارات والدول العربية التي وقعت اتفاقات تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

فقد سبق أن وجهت نائب الرئيس السوري د. نجاح العطار نقداً مبطناً أيضاً دون تسمية الأطراف العربية المعنية، في مقدمة كتبتها لكتاب “القائد الأسد صفحات مشرقة من تاريخ الصمود” الذي صدر مؤخراً عن الهيئة السورية العامة للكتاب ضمن حملة الرئيس السوري بشار الأسد للانتخابات الرئاسية 2021، وضم مقالات كتبها 28 كاتباً من سوريا والدول العربية.

وأشرفت العطار على الكتاب “الدعائي”، ووجهت في مقدمته انتقادات لاذعة إلى الدول العربية التي أعلنت التطبيع مؤخراً مع إسرائيل، بمقارنة مواقفها مع مواقف الأسد الذي قالت إنه تحلى “بصفات تجعله الأكثر كفاءة في فهم حاجات أمته وقضاياها الناشئة بوجه سياسات عربية وأجنبية مموهة بأيديولوجيات مضللة تمارس التعسف والتعصب والمحاولات المتواصلة لتذويب شخصيتنا واستلاب حريتنا وأرضنا وفي الصدارة فلسطين والجولان المحتل إضافة إلى خيانات عربية لم تكن محسوبة من قبل وبهذا الشكل التطبيعي التعيس المتمادي”، في تعريض واضح من نائب الرئيس واعتبار سياسات الدول المطبعة “خيانة”.