إيجارات المنازل في ريف حلب الشمالي تستمر بالارتفاع

الأربعاء 6 تشرين الأول/أكتوبر 2021

سوريا اليوم – حلب

تعد الإيجارات الشهرية للمنازل في الشمال السوري واحدة من المشكلات للكثيرين من قاطني المنطقة، وخصوصًا المهجرين منهم، وباتت توازي الإيجارات في تركيا. 

ورغم أن أن أصحاب المنازل لا يدفعون مبالغ إضافية على الإيجارات، كالتأمين والخدمات، إلا أن اختلاف مستوى الدخل الشهري للفرد، يعد أحد عوامل العجز عن تأمين السكن، فإيجاد منزل بسعر “مقبول” لمدني مقيم في الشمال السوري من أصحاب الدخل المتوسط، أصبح أمرًا صعبًا، بحسب ما يذكر تحقيق نشره موقع “عنب بلدي” السوري المعارض اليوم الأربعاء.

وبحسب معلومات تأكدت منها عنب بلدي، فإن المُهجرين من مناطق الجنوب السوري ومحيط العاصمة دمشق ممن يقيمون في ريف حلب الجنوبي، يتجهون للبحث عن مساكن لهم في المخيمات، تجنباً للتكاليف الباهظة للعيش في المدن والقرى الشمالية.

استغلال أم غلاء معيشي

خلال حديثه لعنب بلدي، قال كرم (30 عاماً) وهو أحد مهجري ريف دمشق ويقيم في مدينة عفرين شمالي حلب، إن المنطقة كانت ملاذاً للفقراء والمهجرين من جميع المحافظات والمناطق السورية، لكن مع موجة النزوح التي أعقبت سيطرة الحكومة السورية على مدينتي سراقب ومعرة النعمان ومناطق متفرقة من ريف حلب الغربي بين عامي 2017 و2019، جراء حملات الجيش السوري العسكرية المتكررة، لم تعد كذلك أمام “جشع التجار والمستغلين من أصحاب المنازل”.

وأوضح الشاب أن لمدينة عفرين وضعاً معقداً بالسكن، فبعض المنازل يملكها نازحون ينحدرون من خارج المدينة ولا وكيل عنهم فيها، لذا يقطنها مهجرون من محافظات أخرى كونها خالية، بينما تعود ملكية بعض المنازل لقياديين من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ما جعلها “مستباحة” للراغبين بالسكن من عائلات المقاتلين في “الجيش الوطني” (معارضة)، صاحب النفوذ في المنطقة.

واعتبر كرم أن بعض المالكين في المدينة استقبلوا المهجرين مجاناً في منازلهم خلال الأشهر الأولى من سيطرة فصائل “الجيش الوطني” على المدينة، ضمن عملية “غصن الزيتون” التي نفذتها تركيا في 18 آذار/مارس عام 2018، وذلك من أجل “حمايتها من السرقة والحفاظ عليها بعد نزوح المستأجرين السابقين منها”.

وبعد استقرار الوضع الأمني بدأ أصحاب المنازل بتثبيت مستأجرين بإيجارات رمزية لا تتجاوز 20 دولاراً أمريكياً، الأمر الذي شجع المهجّرين على الانتقال للمنازل كونها تتناسب مع دخلهم الشهري، وكونها منطقة تخضع للنفوذ التركي، ومن المستبعد أن تتعرض للهجوم أو القصف.

لكن سرعان ما بدأت إيجارات المنازل بالارتفاع مع استمرار موجات النزوح إليها تباعاً، إذ وصلت إلى حد لا يتناسب مع متوسط الدخل الدخل الشهري للسكان، والذي لا يتجاوز 1000 ليرة تركية (112 دولاراً أمريكيًا) شهرياً، بحسب سعيد، الذي يعمل كموظف في مستشفى بعفرين.

يقول كرم إنه اضطر  إلى الانتقال من منزله أربع مرات منذ وصوله إلى عفرين، بسبب ارتفاع الإيجار، أما سعيد، الذي يقطن سعيد منزلاً صغيراً يدفع إيجاره شهرياً قدره 40 دولاراً، فقد أمهله مالك المنزل ثلاثة أشهر للإخلاء، لأنه ينوي رفع إيجاره إلى 75 دولاراً.

75 دولاراً “ليست كافية”

أبو محمد المريميني (68 عاماً) وهو متعهّد بناء من أبناء منطقة عفرين ويمتلك عدة منازل في المنطقة، يرى أن الإيجارات لا تتناسب مع أسعار العقارات في ريف حلب، حيث يصل سعر الشقة السكنية وسطية المواصفات لأكثر من 25 ألف دولار أمريكي، معتبراً أن مبلغ 75 دولاراً هو مبلغ قليل، إلا أنه يرضخ للأمر الواقع بسبب الوضع المادي للمستأجرين.

وعن إمكانية خفض الإيجار، قال أبو محمد لعنب بلدي، إن الأمر غير وارد، وأنه كمدني مقيم في المنطقة، له الحق بالعيش بمستوى أفضل، في ظل الواقع الاقتصادي المتردي وغلاء الأسعار والمعيشة بشكل عام.

ولفت المريميني إلى أنه راعى ظروف الناس والمهجرين بشكل خاص في بداية فترة نزوحهم إلى المنطقة، لكن مع تحسن الواقع الأمني وكثرة الطلب على الشقق، رفع سعر الإيجار كغيره من مالكي المنازل.

الندرة هي سبب الارتفاع

تواصلت عنب بلدي مع لجنة “رد المظالم” في منطقة عفرين الخاضعة لسيطرة “الجيش الوطني”، للكشف عن الآلية التي تتخذها لضبط إيجارات المنازل والشقق السكنية، وقال عضو اللجنة محمد الخطيب، إن اللجنة تحاول العمل على مقاربة وسطية ليكون الإيجار مقبولاً للطرفين.

وحول القضايا التي لا تعرض على اللجنة، أشار الخطيب إلى أن الموضوع يخضع لقانون العرض والطلب، فعندما يكثر الطلب ويقل العرض ترتفع الأسعار، وهذا الأمر لا يقتصر على عفرين، فالوضع نفسه في الباب واعزاز وسرمدا وبقية المناطق الخاضعة لسيطرة “الجيش الوطني”، موضحاً أن سلطات المنطقة غير قادرة على ضبط الأمر.

وسيطر “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا على عفرين في آذار/مارس 2018، بعد معارك ضد “وحدات حماية الشعب” (الكردية)، ما أدى إلى حركة نزوح من قبل الأهالي.

ولا يعدّ ذلك النزوح الأول لأهالي المنطقة، إذ نزح بعضهم منها بعد سيطرة “الوحدات” على المنطقة نتيجة التجنيد الإجباري وانتهاكات أخرى قال مدنيون إنها استهدفتهم.