صفوف مكتظة ومناهج تعليمية مستحدثة بلا أدوات في مناطق الحكومة السورية

الثلاثاء 4 تشرين الأول/أكتوبر 2022

سوريا اليوم – دمشق

تقضي لودي محمد (37 عاماً)، اسم مستعار، عدة ساعات يومياً في تدريس طفلها الذي يواجه صعوبة في فهم الدروس التي يتلاقها أثناء دوامه المدرسي.

وتعتبر الأم أنها تبذل مع طفلها وهو في الصف الثالث الابتدائي، جهداً من المفترض أن يكون جهد المعلمين والمعلمات في المدرسة، بحسب ما جاء في تحقيق نشرته اليوم الثلاثاء وكالة “نورث برس” المحلية السورية (معارضة).

وعلى الرغم أنها حاصلة على شهادتين في الصحافة وفي الأدب الإنكليزي، تجد “محمد” صعوبة في استيعاب جميع الدروس التي تعتمد على نظام الاستنتاج.

ومع بداية العام الدراسي الذي بدأ في الرابع من أيلول/سبتمبر الماضي، أعلنت وزارة التربية التابعة للحكومة السورية أن أكثر من ثلاثة ملايين وستمئة ألف تلميذ وطالب من مختلف المراحل التعليمية توجهوا إلى 13660 مدرسة.

ومع التدهور الاقتصادي الحاصل في البلاد، يواجه التلاميذ والطلاب في المناطق الحكومية صعوبة في التأقلم مع المناهج المطورة والتي تعتمد على التعليم التعاوني والاستنتاجي والبحث على المعلومة على شبكات الانترنت.

وتجد “محمد”، تلك المناهج متطورة وحديثة وخاصة أن نظام الاستنتاج يحرض فكر الطفل على التفكير، بحسب وجهة نظرها، لكن “المعلمون يحتاجون للتدريب عليها”.

وتضيف، “هناك قسم كبير من المنهاج يعتمد على الاستماع، ولم يخضع طفلي لأي درس فيه استماع”.

ومنذ بدء الحرب السورية عام 2011، عدّلت حكومة دمشق معظم مناهجها التعليمية عدّة مرات.

وتتباين الآراء حولها، ففي الوقت الذي يراها البعض بعيدة عن الواقع الذي عاشته سوريا منذ الحرب، يُؤيّد آخرون عملية تطويرها وتغييرها.

“صفوف مكتظة”

وفي الوقت الذي يلقي ذوو التلاميذ والطلاب إيصال كافة المعلومات على كاهل المعلمين، يواجه الأخيرة صعوبة تطبيق التعليم التعاوني في المدارس بسبب غياب أدوات التعليم واكتظاظ الصفوف، وفقاً لعدد من المعلمين.

وفي منطقة التضامن بدمشق، تواجه جلنار مهنا (30 عاماً)، اسم مستعار لمعلمة صف، صعوبة في ضبط التلاميذ.

وتقول “المناهج جيدة ومفيدة، لكن كيف لمعلم أن يعطي الدرس حقه بحضور 40 تلميذاً وتلميذة في الصف الواحد!”.

وتتساءل “بعض الدروس تحتاج للبحث على شبكة الإنترنت، كيف يمكن أن نطلب من صف ثاني هذا الواجب في ظل صعوبات الحياة الحالية؟”

وتجد المعلمة نفسها كغيرها من المعلمين والمعلمات بحاجة لتدريبات مستمرة وتطوير مهاراتها، لإعطاء المنهاج.

ورداً على سؤال هل جميع الكوادر التعليمية قادرة على إعطاء المناهج المطورة، يقول مصدر في هيئة تطوير المناهج الحكومية، فضل عدم نشر اسمه، إنه “هناك تفاوت بين المعلمين، ففي بعض المدارس النموذجية يدرس المنهاج بشكل كامل، لكن في الكثير من المدارس يغيب ذلك”.

لكن تلك المدارس النموذجية التي يتحدث عنها المصدر الحكومي، لم تصادفها هنادي أحمد، اسم مستعار لمعلمة، في معظم مدارس دمشق، حيث الغرفة الصفيّة تحوي أربعين طالباً، وقد يقلّ أو يزيد من مدرسة إلى أخرى.

وفي مدرسة بمنطقة كفر سوسة بدمشق، تقول “هنادي”، إن عدد التلاميذ في شعبتها يبلغ 39 تلميذاً، “أحاول جاهدة أن أقدم ما لدي من معلومات، لكن هذا العدد يؤثر على جودة التعليم، فنقضي أكثر من 50% من الحصة الدراسية لضبط التلاميذ”.

توافقها في الرأي هيا علي، معلمة في مدرسة بريف حمص الغربي، التي ذكرت أن لديها في الصف ما يزيد عن ثلاثين طالباً وطالبة.

ومع هذه الأعداد، تكون نسبة تركيز التلاميذ ضعيفة في ظل عدم القدرة على ضبطهم، بحسب “علي”.

صعوبات الثانوي والمهني

وتتلخص صعوبات التعليم الأساسي (من المرحلة الابتدائية حتى الصف التاسع) في أعداد كثيرة ضمن الصفوف ومناهج تحتاج إمكانات لوجستية.

وتتوجه الحكومة السورية اليوم لدعم وتوجيه السكان للتعليم المهني، وذلك من خلال دعم المدارس بالمعدات والإمكانات.

وعملت وزارة التربية على رفع سقف القبول في التعليم المهني من مدارس النفط والبحرية والثانويات الصناعية والزراعية، ليكون معدل الدخول إلى المدارس النفطية أعلى من التعليم العام.

وحسب إحصائية نشرتها وزارة التربية السورية في حزيران/يونيو الماضي، هناك أكثر 89 ألف طالبة وطالبة في التعليم المهني ضمن مناطق سيطرة الحكومة.

وكان قد صدر قرار من رئاسة مجلس الوزراء بتحويل مدارس إلى ورشات إنتاجية، وتم تطبيق هذا المبدأ في ظل أزمة كورونا من خلال إنتاج كمامات وتوزيعها على السكان، خلال العام الماضي.

وصرح مصدر خاص لنورث برس في رئاسة مجلس الوزراء أن الحكومة تتجه لدمج التعليم المهني المزدوج بالتنسيق بين قطاع التعليم وقطاع الأعمال، وبالتالي يستطيع الطالب في هذه الحالة أن يحصل على راتب مما يبيع من خلال عمله في المدرسة.

وفيما يخص التعليم الثانوي، يقول محمد محمد (50 عاماً)، مدرس مادة الرياضيات، إن المناهج الحديثة “جيدة ومتطورة، لكن تحتاج وقتاً أكثر للشرح وخاصة لطلاب البكلوريا، إذ أن هناك ثقافة الانقطاع من المدرسة من آذار/مارس ويلجأ الطلاب للدراسة في المنازل دون إجبار وإلزام من وزارة التربية لإبقائهم في المدارس لإتمام المنهج.

ويجد “محمد” أن بعض المواد مثل الفيزياء والكيمياء والجغرافيا واللغة العربية مكثفة جداً وخاصة بعد أن تغيرت المناهج إلى استنتاجية.

ويرى مدرس الرياضيات أن أساليب المذكرات الدورية والاختبارات قديمة، “يجب ألا يكون الامتحان النهائي في الثانوية هو معيار لتحديد مستقبل الطلاب”.

“المدارس الخاصة”

وأمام الازدحام الكبير في صفوف المدارس الحكومية، يلجأ سكان ممن يملكون القدرة المالية، لتسجيل أطفالهم في المدارس الخاصة.

ودفعت جود محمد (35 عاماً)، من سكان دمشق، 10 ملايين ليرة سورية كقسط سنوي لأطفالها الأربعة، الذين تتدرج أعمارهم من الروضة إلى الصف الثالث الابتدائي.

وتعتبر المبلغ “عالياً جداً”، لكنها حسب تعبيرها، تكسب تعليم أطفالها بطريقة جيدة، دون واجبات في المنازل وإرهاق الوالدين.

بينما يدفع مظهر الصالح (45 عاماً)، اسم مستعار لأحدة سكان دمشق، لأولاده الثلاثة ما يقارب ستة ملايين ليرة سورية غير أجرة الباص الذي يبلغ مليون على كل طفل خلال كامل العام الدراسي.

وتضم المناطق الحكومية، عشرات المدارس الخاصة، وتتفاوت أسعارها تبعاً للمنطقة التي توجد فيها، ولم تلتزم أي مدرسة خاصة بما حددته وزارة التربية من رسوم سنوية.

ويقول مصدر خاص في وزارة التربية إن مدارس رياض الأطفال تتراوح رسومها سنوياً ما بين 150 ألف ليرة، و350 ألف ليرة حسب فئة المدرسة.

في حين تبدأ المدارس للأعمار الأكبر سناً من 600 ألف، لكن الأسعار تصل لخمسة مليون لطالب المرحلة الثانوية في بعض المدارس الخاصة، بحسب المصدر في الوزارة.

وعن الأساسيات التي تضع فيها المدارس الخاصة أقساطها، تقول رفيف صقر (40 عاماً)، اسم مستعار لمدرسة في مدرسة خاصة، إن سيط وسمعة المدرسة وعدد الطلاب المتفوقين فيها كل عام وخدمات اللغة وغيرها هي من تحدد الأسعار فيها.

سوريا اليوم. أخبار سوريا. أخبار سوريا اليوم. سورية اليوم. أخبار سورية. أخبار سورية اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم سوريا. أخبار اليوم سورية.